الإقتصاد البحريني: التكيّـف مـع التحـديـات

09.07.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
مزيد حجاز

  

شكّل إعلان تعهد الدول الخليجية بدعم الاستقرار المالي في مملكة البحرين جرعة دعمٍ قوية، بعد مرحلة من الضغوط المالية والاستثمارية. وأكدّ وزير المالية البحريني الشيخ أحمد آل خليفة، أن كلاً من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والكويت، تعهدت بتعزيز الأوضاع المالية في بلاده، مشيراً الى أنه سيتم إعلان برنامج خاص حول آليات الدعم وكيفية تطبيقه في الفترة المقبلة.

 إنعكس إعلان الوزير آل خليفة عن بيان التعهد الثلاثي الأطراف بشكل مباشر وايجابي على عدد من المؤشرات المالية؛ اذ استعاد الدينار تعافيه مقابل الدولار مسجلاً 0.37750، بعد ان كان قد سجّل أدنى مستوياته في 17 عاماً ووصل الى 0.38261، كما تعافت العملة البحرينية في السوق الآجلة، حيث انخفضت العقود الآجلة للدولار مقابل الدينار لأجل عام إلى 210 نقاط أساس، بعد أن وصلت الى أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2016 بنسبة 408 نقاط أساس، كما شجع تعافي الدينار المستثمرين على إعادة شراء ديون البحرين، اذ انخفض العائد على السندات الدولية البحرينية المستحقة في أغسطس 2023 إلى 7.58 في المئة من 8.95 في المئة، علماً أنها لا تزال أعلى من المستويات المسجّلة في أوائل العام الجاري البالغة 5.22 في المئة.

تحديات

رغم أهمية الدعم المعلن من الدول الخليجية، إلاّ أن ذلك لم يبدّد عدداً من المؤشرات الاقتصادية المقلقة؛ لعلّ أبرزها ما ورد في تقرير صادر عن بنك أبوظبي الأول، وتتمثل بنمو مستويات الدين العام الى حدود 89 في المئة من الناتج المحلي والتوقعات بأن تصل الى 100 في المئة، وتخفيض مستوى التصنيف السيادي للمملكة من كبرى وكالات التصنيف العالمية لسنتين متتاليتين، وارتفاع تكلفة التأمين على الديون  الطويلة  الاجل، مما يزيد الشكوك في قدرة البحرين على تحقيق الإستقرار في ماليتها العامة من دون تكرار ضخ المساعدات. إضافة الى ذلك، فإن ضعف سياسة التنويع في مصادر الإنتاج، ساهم في استمرار تحكم النفط بمسار النمو الاقتصادي البحريني، الأمر الذي كانت له تداعياته السلبية خلال موجة هبوط الأسعار الأخيرة؛ فضلاً عن تناقص قدرات المملكة الإنتاجية من النفط والغاز، وتراجع احتياطها الى أقل من 125 مليون برميل.

مبادرات منتظرة

يشير التقرير الى مجموعة عوامل داخلية من شأنها تعزيز النظرة التفاؤلية للإقتصاد البحريني، مدعومة بالإحتضان الخليجي. أولى هذه العوامل الجهود المبذولة لتنويع مصادر الإنتاج، خصوصاً في مجالي التصنيع والتكرير النفطي؛ وتبرز صناعة الألمنيوم في هذا المجال الذي باتت عائداته تشكل 30 في المئة من اجمالي العائدات غير النفطية. كذلك، ثمة جهود تبذل لزيادة العوائد النفطية عبر تعزيز صناعة التكرير في المملكة، إذ من المقرر بناء محطة جديدة للغاز الطبيعي المسال والاستفادة منها في تطوير الصناعات البتروكيماوية. عامل آخر يتمثل في التوجه لإقرار سلسلة من الإصلاحات والمراسيم التي من شأنها تحفيز الإستثمار في مجالات عدة، وعلى رأسها السياحة والعقار؛ ومن ضمن هذه المراسيم، منح تأشيرة إقامة لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد للمستثمرين الأجانب، تحديث القواعد التي تغطي الإفلاس وتبسيطها، إقرار تنظيم صندوق لتعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات، ومنح المستثمر الأجنبي حق ملكية 100 في المئة للشركات التي يكون مقرّها في البحرين.

وبالتأكيد، يبقى للنفط حصته الوازنة في استعادة البحرين توازنها المالي، سواء لجهة ارتفاع أسعار النفط، وهو ما حصل منذ عام، أو لجهة الاكتشافات الحديثة والمعلن عنها للثروات النفطية، لعل أبرزها المكتشف في حوض خليج البحرين الذي يتوقع أن يرفع احتياطات المملكة من النفط الى نحو 80 مليار برميل وأكثر من 300 مليار متر مكعب من الغاز؛ هذا الى جانب احتياطات أخرى تمّ الإعلان عنها لمصادر النفط الصخري.

لقد ساعدت العوامل المذكورة الاقتصاد البحريني على التكيّف مع التحديات القائمة؛ وسمحت بإرتفاع النمو من 2.9 في المئة العام 2015 الى 3.2 و 3.8 في العامين التاليين، مع التوقع أن يبقى ضمن هذه المستويات للعام الجاري، إضافة الى تراجع نسبة العجز المالي العام للبلد من نحو 18 في المئة العام 2016 الى 13.2 في المئة نهاية العام المنصرم.