الجفاف وتراجع النمو يقودان المغرب إلى صندوق النقد الدولـي

10.06.2016
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بعد أشهر عدة من الصمت ورفض الواقع الاقتصادي المستجد، إعترفت السلطات المغربية على لسان وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد بإحتمال تراجع معدل النمو الإقتصادي في المملكة إلى حدود 2 في المئة بعد توقّعات بوصوله إلى حدود 3 في المئة.

تأتي التصريحات الرسمية للوزير المغربي في ظل بروز إحتمالات قوية لتراجع الإنتاج الزراعي في المغرب من حيث القيمة المضافة إلى نحو 7.3 في المئة قياساً بالسنة الماضية، علماً أن القطاع الزراعي هو المحرك الأساسي للاقتصاد المغربي، ويُشكل تراجع إنتاج الحبوب بنحو 3.5 ملايين قنطار قياساً بالسنة الماضية، صدمة حقيقية بالنسبة الى السلطات المغربية التي كانت تأمل ارتفاع معدل نمو الاقتصاد وهو معدل يكفل على الأقل عدم ارتفاع معدل البطالة التي تشكل هاجساً حقيقياً بالنسبة الى المملكة على غرار ما هو حاصل في العديد من الدول العربية. 

موجة جفاف 

تجدر الإشارة هنا إلى أن المغرب يتميّز بتذبذب كبير في معدلات النمو منذ العام 2011 نظراً الى أهمية القطاع الزراعي، وارتباط هذا القطاع بأحوال الطقس بسبب كثافة الاعتماد على الأمطار في الري. ومعروف ان المغرب يشهد موجة جفاف غير مسبوقة منذ أكثر من ثلاثين سنة ما أثّر على أداء القطاع الزراعي والاقتصاد المغربي بصورة عامة.

ولمواجهة احتمالات تراجع معدل النمو، أعلن وزير الاقتصاد والمالية، أن بلاده تفكر بصورة جدية في طلب خط ائتمان جديد من صندوق النقد الدولي من دون أن  يتم تحديد مبلغ القرض المطلوب ومدته، ويدخل هذا النوع من الخطوط الائتمانية في إطار خط ائتمان إحترازي، مع الإشارة إلى أن المغرب مرتبط بقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة خمسة مليارات دولار. 

 هذا المناخ الاقتصادي المتميّز بتراجع معدلات النمو وبإنخفاض كبير في إنتاج الحبوب، ظهرت آثاره بصورة جليّة في مستوى ثقة الأسر المغربية بالمستقبل، فقد أوضحت دراسة قامت بها المفوضية العليا للتخطيط وهي هيئة مغربية رسمية، أن مؤشر ثقة الأُسر تراجع خلال الأشهر الأخيرة بأكثر من 5.5 في المئة. 

فقدان الثقة  بالمستقبل

 ويظهر انعدام الثقة المتزايد من خلال مسألتين أساسيتين في المغرب نظراً الى تأثيرهما على الحياة الاجتماعية للأسر وللاقتصاد المغربي بصورة عامة. ويتعلق الأمر هنا بتنامي شعور عام حسب الدراسة بتراجع ملموس لمستوى المعيشة في المغرب تقدره المفوضية بنحو 9.9 في المئة.

المسألة الثانية التي توضح هذا الشعور تتمثل في تراجع مستوى الثقة بالمستقبل، ويظهر ذلك في نمو اعتقاد  لدى العديد من المغاربة أن الوضعية الاقتصادية الحالية قد ينجم عنها المزيد من عدد العاطلين عن العمل وتلك قضية حساسة في المغرب وتشكل دائماً محور صراعات وتجاذبات بين  الأحزاب. 

و أمام هذا التراجع في النمو وفي الثقة بالمستقبل فإن الحلول المطروحة لا ترتفع إلى مستوى الرهانات والتي تتطلب طرح حلول متكاملة لكيفية خروج المغرب من ثنائية الزراعة والمناخ لتفادي التعرض لهزات متكررة كما هو حاصل اليوم، وكأن الأقدار حكمت على الشقيقين «اللدودين» الجزائر والمغرب مواجهة صدمة الاعتماد على ريع الأرض. 

نموذج اقتصادي جديد 

وأوضح بوسعيد أن الاقتصاد المغربي يركّز على الاستهلاك والاستثمار العام، أي على الطلب الداخلي لتحقيق النمو، بينما عامل النجاح المشترك لدى الدول الناشئة هو التصنيع والتصدير والانفتاح على الأسواق العالمية.

وأقرّ الوزير بأن «التقدم الذي جرى تحقيقه بفضل هذا النموذج لا ينبغي أن يحجب حقيقة الاختلالات التي يعاني منها، ولاسيما تلك المرتبطة بإيجاد الثروة وفرص العمل وتقليص الفوارق الاجتماعية التي لا تزال تلقي بثقلها على مؤشرات التنمية البشرية». 

كذلك أكّد بوسعيد أن «النموذج التنموي المغربي بلغ مرحلة من النضج، تجعله مؤهّلاً للدخول النهائي والمستحق ضمن الدول الناشئة، إلا أن المكاسب والمنجزات التي تمّ تحقيقها لا ينبغي أن تكون دافعاً للإرتياح الذاتي»،  في

إشارة إلى انتقاده التأخّر الذي يسجّله الاقتصاد المغربي بسبب تشتّت وضعف النسيج الصناعي، ومنافسة القطاع غير الرسمي.