أوجيرو، هولكوم والـ 431

10.12.2018
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
إياد ديراني
فتحت الشائعات حول تلزيم وزارة الاتصالات اللبنانية لجزء من صيانة شبكة الهاتف الثابت إلى إحدى شركات "هولكوم" الباب على مصراعيه لجدل كبير يتعلّق بالفساد والإفساد في قطاع الاتصالات اللبناني. لكن قبل تحميل القطاع الخاص مسؤولية الدرك الذي وصل إليه القطاع وإعادة طرح البعض أهمية إبقاء القطاع بيد الدولة، فلتطبّق "هذه الدولة" القانون 431 الصادر منذ 16 عاما! ولتُرفع اليد عن الهيئة الناظمة للاتصالات المُفترض بها ضبط إيقاع القطاع والإشراف والرقابة وبالتالي الحدّ من الفساد والإفساد وفتح باب المنافسة. لأن الحاصل اليوم هو تلزيمات بـ "المفرّق والمحاصصة" على الطريقة اللبنانية. في حين ينص القانون على تلزيم منظم وشفاف لكامل قطاع الاتصالات للقطاع الخاص. وبالمناسبة فإن الشركات اللبنانية الخاصة كتلك المنضوية ضمن مجموعة "هولوكوم" التي طاولتها الشائعات تعتبر من أنجح شركات الاتصالات في المنطقة والعالم وهي مؤهّلة لتقديم أفضل الخدمات، لكن القضية ليست هنا.  
القضية الأساس في هذا القطاع الذي يُشكل ثاني أكبر مصدر دخل لخزينة الدولة، بعد إيرادات الضريبة على القيمة المُضافة TVA، هي غياب رؤية لتطوير شفّاف وفعّال وعادل لقطاع الاتصالات اللبناني وفي التأخير المتعمّد لتطبيق القانون 431 وإطلاق شركة "اتصالات لبنان" Liban Telecom و"شلّ" أعمال الهيئة المنظمة للاتصالات وتلزيم الأعمال "غب الطلب" بدلا من اعتماد خطة واضحة تتيح لشركات القطاع الخاص فرصا متساوية في تنمية القطاع. 
بدلا من توجيه الاتهامات للقطاع الخاص، لماذا لا يتم تطبيق قانون الاتصالات 431؟
 
وأي نقاش يتقصّد حرف القضية خارج هذا المثلّث "قانون الاتصالات – ليبان تيليكوم – هيئة ناظمة"، هو إما محاولة للتعمية على حقيقة ما يعانيه قطاع الاتصالات أو قلّة دراية بالوجع الحقيقي الذي تتسبّب به مماطلة الحكومات المتعاقبة ومعها النقاشات العقيمة في لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، في تطوير واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية. 
وربما من المفيد اليوم أن نسأل: هل المشكلة هي في شركات الاتصالات اللبنانية مثل مجموعة "هولكوم" القابضة التي نجحت محليا وإقليميا ودوليا، أم في غياب الأطر القانونية والتنظيمية الرؤيوية التي تسمح للقطاع الخاص بتقديم قيمة مضافة في القطاع؟ وهل اعتبار الحكومات اللبنانية المتعاقبة البنية التحتية الخاصة بالاتصالات مجرّد "بقرة حلوب"، هي من مسؤولية القطاع الخاص؟ 
ثمة فشل هنا لا ينبغي إشاحة النظر عنه، وهو يتمثّل بسوء إدارة ملف قطاع الاتصالات خلال العقدين الماضيين، ورمي المسؤولية على القطاع الخاص حينا وعلى أفرقاء سياسيين حينا آخر، فيما المشكلة واضحة وهي تتلخّص في غياب عقليّة موحّدة ومنسجمة في إدارة الملفات الاقتصادية على تنوّعها والاتصالات واحدة منها، فيما الفساد ينتشر من دون حسيب ولا رقيب. ولا تزال الملفات حاضرة في الأذهان من ملف الانترنت غير الشرعي وتهريب الاتصالات مرورا بتهريب الهواتف الذكية والـ "غوغل كاش" وأعمدة الاتصالات الخلوية، بدون اتخاذ أي إجراء قضائي او إداري ضد المتورطين في هذه الملفات.  
نقطة أخيرة ينبغي التوقف عندها، وهي إنه على الرغم من كل العقبات، نجحت أوجيرو ورغم كل الظروف في تحقيق إنجازات كبيرة على صعيد الشبكة الهاتفية ومشروع الألياف، ومصلحة قطاع الاتصالات اليوم هي في استكمال هذا النجاح وإبعاده بكل الوسائل عن تصفية الحسابات السياسية، والانصراف إلى تنظيم القطاع على أُسس قانون الاتصالات رقم 431 أو أي قانون آخر يحقق طموحات لبنان في الانتقال إلى العصر الرقمي.