قضية "غصن" وتداعياتها على "نيسان" و"رينو" في الخليج والمنطقة

10.01.2019
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
خطار زيدان

لا شك أن كارلوس غصن، وبغض النظر عن التحقيقات الجارية معه، ونتائجها والاتهامات ومدى صحتها، ونظريات المؤامرة، شكل حالة فريدة في صناعة السيارات العالمية، واستطاع خلال مسيرته أن يحقق نتائج باهرة وأن ينقذ الشركة التي تخلت عنه اليوم "نيسان" من الإفلاس ويوصلها الى بر الأمان ويرفعها الى مصاف أكبر الشركات العالمية، وأن ينشئ ويقود تحالفا تبوأت مبيعاته المركز الأول عالميا، وأن يدرّس نهجه في الجامعات اليابانية. كما قاد غصن مرحلة التحول التكنولوجي في قطاع السيارات واستخدام الطاقة البديلة، وطرح السيارات العاملة على الطاقة الكهربائية التي بدأت تغزو الأسواق العالمية، فكان الأكثر جرأة ورسم ملامح المستقبل في هذا القطاع.

كما أن غصن اللبناني الأصل أعطى منذ توليه مهامه القيادية على رأس "نيسان" و"رينو" اهتماماً خاصاً بأسواق المنطقة، فعمل مع المكاتب التمثيلية فيها على تمتين تواجد "نيسان" و"رينو" وطرح المنتجات المناسبة ودعمها بشكل أو بآخر، كما كانت له جولات عدة في أسواق المنطقة، هو وكبار المسؤولين في التحالف، وقام بنسج وتمتين علاقات خاصة مع بعض الوكلاء والشركاء ورجال الأعمال، وتحديداً في السعودية وسلطنة عُمان.

ونتج عن هذه العلاقات قيام تحالفات وكيانات برأس مال مشترك مع "نيسان" بهدف معلن هو خدمة أسواق المنطقة وحل مشاكل بعض الأسواق، خصوصاً السوق السعودية التي كانت تعاني من توتر في العلاقة مع الوكيل المحلّي في حينه وتراجع المبيعات، إلا أن النتائج على الرغم من تحسنها لم تكن على قدر التطلعات، لأسباب عدة مرتبطة تحديداً بنوع العلاقة المتوترة التي نشأت بين الكيانات المستحدثة والوكلاء في بعض الأسواق، وفي ظل تراجع الطلب عموماً في أسواق المنطقة.  

وقد أثار توقيف رئيس تحالف "رينو، نيسان وميتسوبيشي" كارلوس غصن العديد من التساؤلات والتأويلات حول مستقبل العلامات الثلاث في دول المنطقة عموماً ودول الخليج تحديداً، ومصير التحالفات القائمة.

تساؤلات حول "نيسان الخليج"

من أهم الإجراءات التي تمّ اتخاذها، كانت تأسيس "نيسان الخليج" في العام 2010 بمساهمة من "نيسان" وشركة "الدهانا" التي يملكها رجل الأعمال السعودي خالد الجفالي بهدف "تعزيز استراتيجية التسويق والمبيعات لدى "نيسان"، وتطوير شبكة الوكلاء والإدارة الرئيسية"، في السوق السعودية تحديداً وأسواق أبوظبي، الكويت والبحرين. وقد أثارت هذه الخطوة حينذاك امتعاض الوكلاء في بعض هذه الدول، فالكيان المستحدث كان متهماً بمقاسمة أرباحهم وعدم دعمهم بالشكل المطلوب، إضافة إلى أنه كان يُلغي عدداً من صلاحيات المكتب الإقليمي للشركة في دبي، كما إن رجل الأعمال خالد الجفالي لم يكن جزءاً من تركيبة "نيسان" في المنطقة، وإنما يملك مع إخوانه وكالة "مرسيدس- بنز" من خلال شركة "إبراهيم الجفالي وإخوانه". وأدى هذا الإجراء إضافة إلى عوامل أخرى الى تردي العلاقة بين "نيسان" ووكيلها في السعودية، ما أدى إلى تراجع كبير في المبيعات في تلك الفترة. وفي وقت لاحق خرجت السوق السعودية من تحت عباءة "نيسان الخليج" مع تعيين وكيل جديد للعلامة هو "شركة العيسى للسيارات" في سبتمبر 2013، إضافة الى خروج أبوظبي، لكن عين الجفالي بقيت على "نيسان" في أهم أسواق المنطقة، أي السعودية، فتم في نوفمبر 2014 الإعلان رسمياً عن إنشاء شركة جديدة برأس مال مشترك بين شركة "خالد الجفالي" و"نيسان" في السعودية تحت مسمى "نيسان السعودية" وباتت كياناً منفصلاً عن المكتب الإقليمي للشركة، والهدف المعلن هو تعزيز تواجد "نيسان" في السوق السعودية وزيادة حصتها السوقية، علماً أن للشركة اليابانية حالياً موزعين معتمدين في المملكة هما "العيسى للسيارات" وشركة "بترومين نيسان" والاتصالات قائمة لتعيين موزع جديد أو أكثر، وقد أشيع عن اهتمام شركة "محمد يوسف ناغي للسيارات" بالحصول على الوكالة في المنطقة الغربية من المملكة، الا أن الأمور لم تصل الى خواتيمها.

مصير الكيانات والتحالفات

أما بالنسبة الى علامة "رينو"، فقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً من قبل الشركة الفرنسية وانفتاحاً على أسواق الشرق الأوسط من خلال طرح تشكيلة متنوعة من المنتجات وتنويع المصادر، وتعزيز دور المكتب الإقليمي ومهامه في دعم الوكلاء. ومن أبرز التطورات التي حصلت انتقال وكالة "رينو" في السعودية في يوليو 2010 الى شركة "أفضلية الخليج للسيارات" كمشروع مشترك بين شركة "البازعي" السعودية وشركة "سهيل بهوان" العُمانية، علماً أن هذه الأخيرة ليست لها أي تجربة في السوق السعودية وكانت شركات سعودية عدة مهتمة بالحصول على هذه الوكالة، الا أن نجاح "رينو" في السوق العُمانية التي تملك وكالتها شركة "بهوان"، ساعدت على قرار الشركة الفرنسية، وقد حققت الشركة نتائج جيدة وعادت بالعلامة الفرنسية الى السوق السعودية بعد غياب طويل، علماً أن هذه السوق تشكل نحو 35 في المئة من مبيعات "رينو" في الشرق الأوسط.

اليوم، وبعد ورود إسم خالد الجفالي لارتباطه بـ "تعاملات مالية" مع غصن، خرج الأخير ليدافع عن نفسه خلال جلسة الاستماع أمام القاضي الياباني مؤخراً، وليؤكد أنه تصرف دائماً بنزاهة ووفقا للقانون وبعلم مسؤولي الشركة وموافقتهم وأشار إلى أن الجفالي كان داعماً وشريكاً لشركة "نيسان" في المنطقة، وساهم في تمتين تواجدها، كما سهل اتصالات ومفاوضات مع مسؤولين كبار في السعودية لإنشاء مصنع محلي للسيارات، وأنه تم مكافأة "شركة الجفالي" مادياً مقابل خدماتها التي أفادت "نيسان".         

وكونه العنصر الأساس في تركيبة تحالفات "نيسان" في منطقة الخليج والسعودية، ومع احتمال أن يطال التحقيق أشخاصاً آخرين في المنطقة على ارتباط وثيق مع غصن، يُطرح السؤال، كيف ستكون التداعيات على التركيبة القائمة لتواجد علامة "نيسان" تحديداً وعلامة "رينو" بشكل أقل في أسواق المنطقة؟ وهل من تغيير ممكن ترقّبه في الكيانات التالية: "نيسان الشرق الأوسط"، "نيسان الخليج" و"نيسان السعودية"؟