وزير الإتصالات المصري:
استراتيجية التحول الرقمي

13.03.2019
الرئيس عبد الفتاح السيسي متوسطاً د عمرو طلعت ورئيس شركة سيسكو تشاك روبنز
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
ديما رعيدي

منذ تولّيه منصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر منتصف العام الماضي، ينصبّ تركيز  د. عمرو طلعت، الملقب بـ «دينامو IBM» على محورين رئيسيين: الأول هو بناء الإنسان المصري عبر تسهيل تعاملاته اليومية وتحسين مستوى معيشته من خلال التكنولوجيا وتطبيقاتها المتنوعة، إلى جانب برامج دعم وتأهيل وتدريب الشباب المصري. أما المحور الثاني فهو التحول الرقمي، من خلال مكننة كافة مؤسسات الدولة ونشر مفهوم المعاملات الرقمية مثل الدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية وغيرهما، بما يساهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ورفع الكفاءة التشغيلية، ومكافحة الفساد المالي والإداري.

«الاقتصاد والأعمال» إلتقت الوزير عمرو طلعت، في هذا الحوار:

 كيف تلخصون واقع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري؟

 قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات أكثر القطاعات الاقتصادية المصرية نمواً، حيث بلغ معدل نموه خلال العام 2018 نحو 16.4 في المئة، ويُتوقع أن يرتفع إلى 17 في المئة خلال العام الحالي. وقفزت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 70 مليار جنيه مصري للسنة المالية 2016 – 2017 إلى 80 ملياراً للسنة المالية 2017 – 2018. بينما بلغ إجمالي الاستثمارات المنفذة في القطاع نحو 21.8 مليار جنيه. ويجري العمل على زيادة نسبة مساهمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي من 3.1 في المئة إلى 5 في المئة خلال ثلاث سنوات.

 التحول الرقمي 

 ما هي أبرز محاور استراتيجيتكم لتحقيق هدفَي بناء الإنسان المصري والتحول الرقمي؟

 تقوم استراتيجية الوزارة على خمسة محاور: الأول زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في القطاع وبدء إنشاء الشركات العالمية مراكز لها في مصر، والمحور الثاني يتعلق بخطة الحكومة للتحول الرقمي وزيادة النفاذ لخدمات الاتصالات داخل مؤسسات الدولة والقطاع الحكومي، والثالث تحسين البنية التحتية حيث وصل عدد المشتركين في خدمات الاتصالات (الأرضي والمحمول والإنترنت) إلى 108 ملايين مشترك بينهم 42 مليون مستخدم للإنترنت. أما المحور الرابع، فهو تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الخدمات التكنولوجية ولاسيما إلى الدول العربية والأفريقية، من خلال تبني استراتيجية لزيادة القيمة المضافة لصناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، سواء بإنشاء مراكز لتصدير الخدمات أو الاستثمار بخدمات التعهيد و«الكول سنتر» والخدمات التي تدعم تكنولوجيا المعلومات. والمحور الخامس والأخير، تنفيذ المبادرات الرئاسية المتعلقة بإنشاء المناطق التكنولوجية والتجمعات الرقمية ومراكز الإبداع، وتوطين صناعة الإلكترونيات والتكنولوجيات الحديثة، وتصنيع أول هاتف محمول مصري، وطرح مبادرات عدة للإبداع والابتكار والمعرفة، كمبادرتيّ «مبرمجي المستقبل» و«رواد المستقبل»، وكذلك بدء تنفيذ أكبر مدينة للمعرفة الرقمية في العاصمة الإدارية خلال الفترة المقبلة.

مساهمة قطاع الاتصالات في الناتج المحلي إلى 5 في المئة

 أين وصل العمل على تحقيق التحول الرقمي؟

 أهم مبادرات التحول الرقمي التي يتم تنفيذها حالياً، هو مشروع قواعد البيانات المتكاملة بالتعاون مع الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة بهدف بناء منظومة تكنولوجية تتيح الحصول على قواعد بيانات متكاملة وسليمة ومدققة، وهو الأمر الذي سيسهم أيضاً في التأكد من وصول الدعم لمستحقيه، ويتم حالياً تنفيذ مشروع تجريبي لعملية التحول الرقمي في مدينة بورسعيد لتقديم جميع الخدمات للمواطنين بشكل إلكتروني. وتسعى الوزارة إلى توفير أكثر من 20 خدمة حكومية رقمية، سيتم إطلاقها تباعاً خلال الـ 18 شهراً المقبلة في كافة القطاعات الحكومية على أن يتم تقديمها للمواطنين من خلال تطبيقات الهاتف المحمول والمنصات الرقمية ومراكز الخدمات الحكومية ومراكز الاتصالات ومكاتب البريد المصري. فمن خلال التحول الرقمي، سيحصل المواطن على الخدمات الحكومية بشكل رقمي، ولن يكون هناك تعامل ورقي في المستقبل في موازاة ربط كافة تعاملات المواطن بشكل إلكتروني، ولكي يتحقق ذلك كان لا بدّ من العمل على وضع قواعد بيانات موحدة للمواطن، بحيث تكون الجهات الحكومية قادرة على الاطلاع على تلك البيانات بشكل سهل وبسيط، فالمواطن إذا ذهب لإنهاء تعامل حكومي مع جهة ما سيتمكن من إنهاء جميع تعاملاته داخل تلك الجهة من دون الحاجة للذهاب إلى جهة أخرى لتخليص أوراق إضافية، وتمّ قطع شوط كبير في تجهيز قاعدة البيانات الموحدة بالتعاون مع كل الجهات المعنية وعلى رأسها مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية.

 «الكارت» الموحد 

 تولون أهمية كبرى لدور هيئة البريد في هذا المجال، لمَ ذلك؟

 الهيئة القومية للبريد من أهم الهيئات الحكومية التي تخدم أكثر من 25 مليون مواطن، لذلك تم الاتفاق مع الهيئة على العمل بشكل مستمر لتحسين الخدمة المقدمة للمواطن وتقييمها، والتوسع في الخدمات، واستحداث خدمات جديدة. وعليه، فإننا نعيد صياغة دور البريد المصري، فلم يعد البريد جهة معنية بنقل الطرود فحسب، بل تحول بحكم التكنولوجيا إلى منفذ لتقديم الخدمات الحكومية في المقام الأول وهذا دور في منتهى الأهمية للتحول الرقمي، وهناك الكثير من المواطنين من كبار السن لا يمكنهم التعامل مع المنصات الرقمية، فيتم تقديم الخدمات إليهم من خلال مكاتب البريد أو مراكز الاتصال. 

قريباً إصدار «الكارت» الموحد لمستحقات المواطنين المالية والعينية

 ماذا عن «كارت» المعاملات المالية الموحد، ما هي مزاياه؟ ومتى سيتم إصداره؟

 تعمل الوزارة من خلال المجلس القومي للمدفوعات على إصدار «كارت» المعاملات المالية الموحد، ويستهدف الكارت حصول المواطن على كل الاستحقاقات المالية والعينية إلكترونياً سواء كانت رواتب أو معاشات أو مدفوعات لعمليات تجارية مع الحكومة أو برنامجيّ تكافل وكرامة التابعين لوزارة التضامن الاجتماعي أو معاشات الأرامل ونفقة المطلقات، إلى جانب الاستحقاقات العينية ومنها صرف دعم الخبز، ومنظومة البضائع التموينية، ومن المقرر أن يرتبط هذا الكارت بحساب مصرفي داخل هيئة البريد أو أحد البنوك حسب رغبة المواطن، إذ لدينا 28 مليون مواطن يتعاملون بشكل مستمر مع الجهات الحكومية بما يصبّ في تحقيق الشمول المالي من خلال تشجيع ثقافة الادخار البنكي أو عبر البريد. وتتعاون وزارة الاتصالات في تنفيذ المشروع مع البنك المركزي، حيث نقوم بدور بناء المنظومة التقنية الخاصة به، وتسعى الحكومة إلى إطلاق الكارت خلال الربع الثاني من 2019 على مراحل عدة تباعاً، على أن يكون التموين أول خدمة مقدمة.

 إعادة النظر بالمناطق التكنولوجية 

 ما هي أبرز المجالات المرشّحة للنمو واستقطاب الاستثمارات ضمن قطاعات تكنولوجيا المعلومات؟ 

 تمتلك مصر فرصاً متميزة لجذب الاستثمارات في مجال صناعة مراكز البيانات العملاقة، بخاصة مع الجهود المبذولة لتهيئة البيئة التشريعية بهدف تحقيق التوازن بين تأمين البيانات والحفاظ على الخصوصية، من خلال قوانين مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وحماية البيانات الشخصية، وهذه الصناعة ستتيح فرص عمل كبيرة ومتميزة في مجال علوم البيانات وتحليلاتها، حيث نسعى إلى جذب الاستثمارات العالمية في مجال إنشاء مراكز البيانات العملاقة في ظل المزايا التنافسية التي تتمتع بها مصر، ومنها موقعها الجغرافي المتميز، بما يوفّر لمشغلي الاتصالات في العالم الموقع المفضل لتقديم سعات كبيرة بأدنى زمن انتقال، وجذب مقدمي الخدمات السحابية العالميين لاستضافة خوادمهم السحابية العامة في مصر.

كذلك، فإن مصر في صدد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، وتشمل إتاحة التدريب والتعليم، وتجميع قدر هائل من البيانات والتأكد من إتاحتها للقطاع الخاص من أجل بناء تطبيقات تهدف إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات.

ويترافق ذلك مع أهمية إجراء الإصلاح الهيكلي المتمثل بإصدار تشريعات جديدة وتعديل تشريعات قائمة لمواكبة التحول الرقمي المنشود وخلق بيئة متكاملة للاقتصاد الرقمي، من ضمنها قانون حماية البيانات الشخصية وهو في طريقه إلى البرلمان بعد موافقة مجلس الوزراء على بنوده، ومشروع قانون التجارة الإلكترونية الذي تعكف الوزارة على إعداده مع جهات الدولة المعنية، ونسعى إلى تقديمه قريباً للبرلمان بعد طرحه في حوار مجتمعي بمشاركة كل المعنيين ومنهم ممثلو شركات التجارة الإلكترونية ومسؤولو الغرف التجارية.

 هل أنتم راضون عن نشاط المناطق التكنولوجية التي تمّ إطلاقها خلال السنوات الأخيرة؟

 تمّ بناء أربع مناطق تكنولوجية حتى الآن، ونحن ننظر إلى هذه المناطق بإعتبارها وسيلة لتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وجذب الاستثمارات، لكنها تبقى وسيلة وليست غاية في حدّ  ذاتها، ونحن حالياً نُقيّم هذه الوسيلة لناحية تحقيق الهدف منها، فإذا وجدناها وسيلة جذابة وناجحة سنكمل فيها، وإذا وجدناها ناجحة وتحتاج إلى تطوير أو تعديل فسنقوم بذلك، فالهدف ليس المناطق التكنولوجية في حد ذاتها بحيث تتحول إلى شبه مشاريع عقارية، كما حدث في بعض الدول الإقليمية، لكن الهدف هو الوصول بهذه الصناعة إلى أعلى الدرجات من خلال خلق فرص عمل وتدريب الشباب وخلق كوادر قادرة على المنافسة، وقمنا مؤخراً بتقديم حوافز تشجيعية تتمثل بمنح إعفاءات ضريبية بنسبة 50 في المئة لمدة خمس سنوات للشركات التي تعمل في هذه المناطق.

 أهداف 2019 

 ما هي أبرز الأهداف التي تسعون لتحقيقها خلال العام الحالي؟

 سيشهد العام 2019 إطلاق خدمات حكومية جديدة  من خلال البريد المصري، ومن خلال المنصات الرقمية، كما إننا سنتوسع في بناء كوادر جديدة مدربة على أحدث التقنيات في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، تقوم بدورها في تعليم ونشر ثقافة التعامل مع الخدمات التكنولوجية، وشرح آلياتها ومميزاتها ودورها في حياة المواطنين والمجتمع، كما سننتهي من إقامة ثمانية مجمعات إبداع في الجامعات المصرية وهي عبارة عن وزارة اتصالات مصغرة تضم مركز إبداع ورعاية شركات صغيرة ومتوسطة وحاضنات ومركز تدريب، كذلك سننتهي من إنشاء 150 وحدة تكنولوجية لخدمة المواطنين من قاطني الريف والمناطق النائية، ومن إقامة 100 مركز شباب متطور مزودة بأحدث التجهيزات. بالإضافة لاستكمال الدراسات والتجارب لإدخال تكنولوجيا الجيل الخامس، لتكون مصر من أوائل دول المنطقة المستخدمة لهذه التكنولوجيا خلال السنوات المقبلة، وسنقوم باستكمال العمل في تحديث شبكات الاتصالات من خلال إبدال كابلات النحاس بالشبكات الرئيسية بكابلات ألياف ضوئية.

كما أود أن أشير إلى أنه في حلول العام 2020 ستكون لدينا لأول مرة مدن ذكية جديدة شوارعها مزودة بالإنترنت فائقة السرعة عبر «WiFi» وبنيتها التحتية جاهزة لتقديم أحدث الخدمات التكنولوجية، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، وباقي المدن الجديدة التي سيطلق عليها المدن الذكية أو مدن الجيل الرابع.

 مصر تصنع الإلكترونيات 

 ماذا عن خطة تحويل مصر لمركز إقليمي لصناعة الإلكترونيات؟

 تهدف مبادرة «مصر تصنع الإلكترونيات» 2017 – 2022 التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى تحويل مصر لمركز تصنيع إقليمي وعالمي للأسواق الأفريقية والعربية والأوروبية، لتصميم وتصنيع الإلكترونيات المتطورة قبل نهاية 2030، والإستفادة من صناعة الإلكترونيات كإحدى  أكبر الدعائم لنمو الاقتصاد المصري وكمساهم رئيسي في مضاعفة الصادرات المصرية، وتقليل الواردات من الأجهزة الإلكترونية والكهربائية للسوق المحلية، بما يوفر مئات الآلاف من فرص العمل.

ويتم تنفيذ المبادرة من خلال برامج عدة، تتمثل في تحفيز تصنيع منتجات إلكترونية واعدة تتميز بتعاظم الطلب المحلي والإقليمي عليها، وهي: الهواتف الذكية، والحاسبات اللوحية، لمبات LED الموفرة، العدادات الذكية، الخلايا الشمسية، التليفونات والشاشات السطحية، الأنظمة الذكية، بالإضافة الى تعزيز البحث والتطوير والابداع، فضلاً عن تشجيع الصادرات وتعظيم الاستفادة من إتفاقات التجارة الحرة، وتنمية قدرات الموارد البشرية..

وتبلغ موازنة المرحلة الأولى للمبادرة 2018 – 2021    1.5 مليار جنيه، وتستهدف أن يصل حجم صناعة الإلكترونيات إلى خمسة مليارات دولار سنوياً، وأن يصل حجم التصدير إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً، بدلاً من 1.3 مليار دولار حالياً، بقيمة مضافة محلية لا تقل عن 45 في المئة. كما تهدف المرحلة الأولى إلى إضافة 25 ألف فرصة عمل جديدة في هذا القطاع. وتتوفر لهذه المبادرة كافة مقومات النجاح  من خلال ما تمتلكه مصر من خطوط إنتاج، ومن الصناعات المغذية مثل صناعات البلاستيك، والمعادن، بالإضافة إلى إمكانات تصنيع اللوحات الإلكترونية، إلى جانب الأيدي العاملة الفنية المدربة، فضلاً عن دخول مصر في الكثير من إتفاقات للتجارة الحرة التي تغطي 71 دولة في أفريقيا وأوروبا والعالم العربي.

 قياس خدمات الاتصالات 

 يرى البعض أن قطاع المحمول المصري يحتمل المزيد من التنظيم والتطوير، هل من خطوات عملية في هذا الخصوص؟

 تم توجيه المسؤولين في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات للتعاقد مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة في مجال قياس خدمات الاتصالات، لإجراء قياسات لتقييم الخدمات بشكل دوري، وعرض نتائجها على موقع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وهذه القياسات ستتم في جميع أنحاء مصر، لكل شركة من الشركات الأربع (فودافون وأورنج واتصالات مصر والمصرية للاتصالات)، بحيث يعلم المواطن بكل شفافية مستوى الخدمة التي يتلقاها من كل شركة، وتكون الصورة واضحة أمامه لكي يختار الشركة الأنسب له، لأننا سنقدم له قياسات دقيقة وعلمية في المنطقة التي يتلقى فيها الخدمة، وسنحفز المنافسة بين الشركات لتحسين الخدمة لأن المسألة لن تكون انطباعية كما هي حالياً ولكنها ستكون شفافة ومبنية على مؤشرات وأرقام.