رئيس «مصدر»
سنضاعف طاقة مشاريعنا في خمس سنوات

11.01.2019
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
عاصم البعيني

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على تأسيسها، كرّست شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» نفسها لاعباً رئيسياً في مجال إنتاج الطاقة النظيفة عبر مصادر متعددة، وتطمح الشركة إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية لمشاريعها المنتشرة حول العالم إلى 8 جيغاواط خلال خمس سنوات، وهي مهتمة بالتوسّع إقليمياً وعالمياً عبر المساهمة في تطوير مشاريع عدة متى ما توفرت المنظومة التشريعية المناسبة والجدوى الاستثمارية. وتركز الشركة جزءاً من جهودها على لعب دور المحفّز لإستخدام التكنولوجيا المتقدمة عبر إطلاق مبادرات عدة تتمحور حول الإستدامة بالتعاون مع جهات متخصصة وشركاء استراتيجيين. هذه التطورات تتم تحت قيادة الرئيس التنفيذي محمد جميل الرمحي، الذي تولّى مهامه بعد تقلّده مناصب عدة في «مصدر» على مدى السنوات الماضية.  «الاقتصاد والأعمال» إلتقت الرمحي في هذا الحوار:

 كيف تقيمون تجربة «مصدر» بعد مرور أكثر من عشر سنوات على إطلاقها؟ 

  تأسست شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» قبل أكثر من عشر سنوات إنسجاماً مع رؤية القيادة الرشيدة في دولة الإمارات وإمارة أبوظبي، لتنويع مزيج الطاقة وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والاستثمار في مشاريع التكنولوجيا النظيفة ذات الجدوى التجارية والمرتكزة على مخرجات التعليم والتطوير، ودعم عملية التنمية المستدامة مما جعلها تضطلع بدورٍ رئيسي في دفع عجلة تطوير هذا القطاع الاستراتيجي محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما إن الشركة تستثمر في قطاع التطوير العمراني المستدام من خلال مدينتها المستدامة مدينة مصدر في أبوظبي، التي تعدّ إحدى أكثر مدن العالم استدامة، والتي تتميز بإنخفاض بصمتها الكربونية وقلّة استهلاكها للطاقة والمياه.

ولا شك في أنه عندما تكون صاحب مبادرات جديدة ستواجهك بعض الصعوبات ولكن النجاح يتمثل في تخطي هذه الصعوبات وتحويلها إلى فرص مجدية وهذا ما أثبتته شركة «مصدر» التي باتت تعدّ إحدى الشركات الرائدة عالمياً في قطاع الطاقة المتجددة، حيث بذلت الشركة جهوداً كبيرة بالتعاون مع الجهات الحكومية، بهدف تبني استراتيجيات مجدية، تأخذ في الاعتبار تحديد نسب الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة بشكل عام، علماً بأن الشركة حظيت بدعم مطلق من قبل القيادة الرشيدة. 

في المقابل، إذا نظرنا إلى المنطقة العربية في تلك الفترة، فقد كان الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة يواجه صعوبات عدة، في ظل غياب أهداف مستقبلية ذات صلة بالطاقة المتجددة، وبالفعل فقد عملنا أيضاً مع عدد من دول المنطقة بهدف رفع مستوى الوعي بأهمية الدور الذي تضطلع به الطاقة المتجددة وكيفية الاستفادة منها في تعزيز الاقتصادات المحلية، مع الإشارة إلى أن أهمية قطاع الطاقة المتجددة تكمن في الإفادة من الإمكانات والموارد المتوفرة من دون الحاجة الى الاستيراد من الخارج. 

رؤية سباقة 

 وفق هذه الرؤية، أين يكمن موقع «مصدر» اليوم؟ 

 بفضل الرؤية السبّاقة للقيادة في الدولة، وقرار الاستثمار في «مصدر»، باتت للشركة خبرات طويلة، كما إنها حظيت بسمعة واسعة في المنطقة والعالم كشركة متخصصة في مجال الطاقة المتجددة والاستدامة، حيث تنتشر محفظة مشاريعنا واستثماراتنا في أكثر من 20 دولة حول العالم، منها دول عربية عدة. فبالإضافة إلى الإمارات، هناك مشاريع في كل من سلطنة عمان ومصر والأردن وموريتانيا، المغرب وغيرها، ونحن مستمرون بالعمل وفق التوجه الاستراتيجي نفسه القائم على فكرة الاستثمار في الطاقة المتجددة وتحديداً في المحطات الكبيرة، وهذا العنصر يقوم على تقنيتي الرياح والطاقة الشمسية، إذ تنضوي تحت الأولى مشاريع طاقة الرياح البرية والبحرية، في حين ينضوي تحت الطاقة الشمسية نوعان من التكنولوجيا، الطاقة الشمسية الكهروضوئية والمركزة.  

ومن هذا التوجه، تنبثق تفرعات أخرى كما هي الحال مع الاستثمار في تحويل النفايات إلى طاقة، وكذلك الاستثمار في مجال تخزين الطاقة والذي من المتوقع أن يلعب دوراً حيوياً في المستقبل في تطور التكنولوجيات وكذلك خفض تكاليف إنتاج الكهرباء، في ظل تزايد فاعلية هذه التكنولوجيات. 

نتواجد في أكثر من 20 دولة ومهتمون بمواصلة التوسّع إقليمياً وعالمياً

وصفة التوسع 

 إستناداً إلى تلك الرؤية، ما هي خطتكم للتوسع في المساهمة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة أو البديلة ولا سيما في الدول العربية؟ 

 كما هو معلوم، فإن استثمارات الشركة تركّزت في البدايات في إمارة أبوظبي، وتحديداً عبر مدينة مصدر وبناء محطات الطاقة المتجددة، قبل أن نبدأ مرحلة الاستثمار في أوروبا الشمالية، وتولينا خلال تلك الفترة دراسة الأسواق العربية بدقة، إذ ظهرت مصر كدولة سباقة مهتمة في مجال الطاقة المتجددة، في ظل ما يتوفر لديها من مقومات شكّلت فرصاً استثمارية مهمة. ومن هذا المنطلق كانت مصر وجهتنا الأولى للتوسع في المنطقة، وباتت لدينا فيها مساهمات في أكثر من سبعة مشاريع، وهي تعدّ اليوم في طليعة دول المنطقة استقطاباً للإستثمارات في مجال الطاقات المتجددة، ثم الأردن والمغرب. 

وفي الوقت الراهن، هناك توجه لدى معظم الدول العربية نحو اعتماد الطاقة المتجددة في برامجها، إذ إن هناك مشاريع مطروحة عدة في كل من المملكة العربية السعودية، وتونس، والجزائر، ونحن مهتمون بمختلف المشاريع المطروحة في الدول العربية، طالما هناك منظومة قوانين واضحة وجدوى استثمارية، حتى إنه يمكن القول إن معظم هذه الدول باتت لديها تشريعات مناسبة، كما إن التمويل متوفّر عبر الجهات التنموية المختلفة الإقليمية والدولية، وذلك بما يساعد المستثمر على تطوير محطات ومشاريع على نطاق واسع، كما إننا مهتمون بالتوسع نحو دول في جنوب شرقي آسيا وشمال أفريقيا وأميركا الشمالية.    

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن انخفاض تكلفة التكنولوجيات المستخدمة في توليد الطاقات المتجددة، يقلل من أعباء التكلفة المترتبة على الدول، مما يزيد فرص استقطاب هذه التقنيات ويعزز قناعات الحكومات بأهمية الاستثمار في هذا المجال.

 هل من أسس أخرى تتم وفقها التوسعات؟     

 تعمل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» في مختلف المشاريع بالتعاون مع شركاء استراتيجيين سواء محليين أو دوليين، ممن نملك شراكات معهم على المدى الطويل، أما العنصر الثاني، فيكمن في أن استثمارات «مصدر» تتم وفق نموذج تجاري، بما يضمن توفر التمويل للمشاريع المطروحة من المصارف، وفي حال واجهت هذه المشاريع عقبات تحول دون توفر التمويل، يمكن لـ «مصدر» من خلال خبراتها الفنية والمالية والقانونية، أن تتعاون مع المؤسسات المحلية لوضع حلول تضمن توفير التمويل لهذه المشاريع.  

 

مضاعفة الطاقة الإنتاجية               

 ماذا عن أهدافكم المستقبلية على صعيد رفع الطاقة الإنتاجية لمشاريع مصدر في ظل خطط التوسع؟  

 لدينا هدف رئيسي يتمثل في الخطة الخمسية لرفع طاقة المشاريع الإنتاجية التي قامت «مصدر» بتطويرها من تكنولوجيا الطاقة المتجددة إلى 8 جيغاواط، أي مضاعفة القدرة الإنتاجية الحالية، ومن الطبيعي القول بأن هذه الخطة تترافق مع نمو كبير ومتوقع في حجم استثماراتنا. وفي السياق نفسه، تواصل الشركة خطتها الهادفة إلى المساهمة في دعم جهود الإمارات لتحقيق استراتيجية الطاقة الهادفة إلى توفير 50 في المئة من احتياجاتها عبر مصادر الطاقة النظيفة في حلول العام 2050.  

 في سياق مبادرات البحث والابتكار، سبق لـ«مصدر» طرح تقنية إلتقاط الكربون وضخها في آبار النفط، ما الجديد في هذا السياق؟  

 لطالما شكلت المسائل ذات الصلة بالبيئة والتغير المناخي جزءاً أساسياً من اهتماماتنا كشركة متخصصة، نظراً الى دور تقنيات الطاقة النظيفة في إيجاد حلول لهذه التحديات أو الحدّ منها، والحديث يستتبع التطرق إلى انبعاثات الكربون كعامل مؤثر في ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد سعينا في «مصدر» لتوفير الدعم للتكنولوجيات التي تساعد على معالجة هذه التحديات البيئية، ومن بينها تقنية التقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون واستخدامه وتخزينه (Co2 Capture and Storage) (CCUS)، وبالفعل أعدّت «مصدر» دراسات فنية ومالية حول هذه التقنية، وكذلك دراسات خاصة حول ظاهرة الانبعاثات الكربونية في إمارة أبوظبي، وقد شملت هذه الدراسات مصنع حديد الإمارات في منطقة المصفح الذي يعدّ من الأكبر في المنطقة، إذ كان مسؤولاً عن انبعاث نحو 800 ألف طن من الكربون (سنوياً)، حيث جرى تطبيق هذه التقنية على المصنع، مع إعادة تخزينه ومن ثم حقنه في آبار نفطية تابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عوضاً عن استخدام الغاز في استخراج النفط الخام، في أول مشروع من نوعه في المنطقة العربية ومن أول المشاريع حول العالم، وفي ما بعد جرى تأسيس شركة الريادة بالشراكة مع أدنوك التي تمتلك المشروع بشكل كامل حالياً. 

 كيف يجري تعميم هذه المبادرات في المشاريع الخارجية لمصدر؟ 

 في ما يتعلق بمبادرة إلتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، فلم تتوفر أمامها فرص كثيرة في المنطقة العربية، كما إنها كفكرة تتطلب مزيداً من الدعم وتوفير الأرضية الصالحة لاستخدامها، وفي المقابل حظيت هذه التقنية بإهتمام وجرى استخدامها والاستثمار فيها في دول عدة في شمال أوروبا من بينها: هولندا، النرويج، بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وقد قيّمنا العديد من الفرص ذات الصلة بها، ولكن من دون الاستثمار فيها، وذلك انطلاقاً من فكرة التركيز على الاستراتيجيات الرئيسية لمصدر الكامنة في مجال إنتاج الطاقات النظيفة من الرياح والشمس، في حين أن مثل هذه المبادرة تعدّ من المبادرات الفرعية. رغم ذلك نحن نتابع بدقة انبعاثات الكربون في مختلف المشاريع التي تستثمر فيها «مصدر» والتي تسهم بشكل كبير في الحدّ من الانبعاثات الكربونية، وكذلك هي الحال في مدينة مصدر التي تعتمد على مصادر الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء.  

  أسبوع أبوظبي للإستدامة حدث عالمي يجمع قادة ووزراء وكبار رجال الأعمال

وسائل النقل النظيفة  

 في ظل اهتمام مصدر بمسائل البيئة، هل هناك توجه للاستثمار في التقنيات ذات الصلة بوسائل النقل النظيفة وتحديداً وسائل النقل الكهربائية؟ 

 لا شك بأن النقل المستدام (Sustainable Mobility) يحظى بإهتمام متزايد كجزء من النظرة المستقبلية لوسائل النقل، ولكن بالنسبة الى «مصدر» فإن النظرة تتعدى وسائل النقل الكهربائية أو التقنيات ذات الصلة بها، إلى تلك التكنولوجيات ذات الصلة بالهيدروجين والتي نرى فيها فرصاً مهمة للمستقبل. وتجدر الإشارة إلى أن «مصدر» اهتمت بالتقنيات ذات الصلة بالوسائل الكهربائية وكذلك هناك اهتمام بوسائل النقل الذاتية القيادة، وقد شهدت مدينة مصدر تطورات عدة من ناحية النقل المستدام فقد اعتمدت المدينة في شهر أكتوبر الماضي رسمياً مركبة «نافيا أوتونوم» ذاتية القيادة ضمن شبكتها للتنقل الذاتي، ليكون ذلك بمثابة نقلة نحو المرحلة التالية من تطوير وتوسيع نظام التنقل المستدام ضمن المدينة، ومؤخراً أعلنت «مصدر» عن تسيير أول حافلة ركاب مستدامة تعمل بالكهرباء بالكامل على مستوى المنطقة، وذلك بالتعاون مع دائرة النقل في أبوظبي، وشركة «حافلات للصناعة» ومقرّها أبوظبي، وشركة «سيمنز الشرق الأوسط». 

وتعكس هاتان التجربتان على وجه التحديد دور «مصدر» كشركة متخصصة محفّزة لاستخدام التكنولوجيا وهو ما يعبّر عن استراتيجية «مصدر» في تخصيص نسبة من ميزانيتها السنوية للأبحاث والتطوير. وتأكيداً على دورها كمحفز لاستخدام التكنولوجيا، قامت «مصدر» بتأسيس «وحدة دعم الابتكار التكنولوجي» في مدينة مصدر بالشراكة مع شركة «بي بي»، وهي شركة تسعى إلى توفير الدعم للإبتكارات والأفكار ذات الصلة بتكنولوجيا الاستدامة، وتؤكد هذه المبادرات على الدور المحوري للشركة في تطوير وتحفيز المشاريع المبتكرة في مجال الاستدامة، وهو ما يجعل «مصدر» بصمة فريدة في كافة المشاريع الحيوية ذات الصلة بتخصصها. 

  أسسنا مسرّعة أعمال بالتعاون مع شركة «بي بي» في مدينة مصدر 

أبوظبي للاستدامة   

 يعدّ أسبوع أبوظبي للإستدامة من أهم المنصات الاستراتيجية التي تدعمها مصدر، ما هو جديد نسخة هذا العام في ظل جهود تطوير هذا الحدث؟       

 يكتسب أسبوع أبوظبي للاستدامة بعداً عالمياً في شكله ومضمونه وبالتالي فهو ليس مجرد حدث محلي، إذ إنه يجسّد واحداً من أبرز التجمعات العالمية المعنية بالاستدامة انطلاقاً من إمارة أبوظبي، ويجري تحت رعاية كريمة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفعاليات هذا الحدث تبدأ كل عام بإنعقاد الجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، والتي يشارك فيها وزراء ومسؤولون حكوميون من مختلف دول العالم. 

وتقام دورة هذا العام من أسبوع أبوظبي للإستدامة تحت عنوان «تقارب القطاعات: تسريع وتيرة التنمية المستدامة» وتتميز بكونها شملت قطاعات جديدة، ففي الوقت الذي ركّزت النسخ السابقة على قضايا الطاقة المتجددة والتغير المناخي، تتطرق نسخة هذا العام إلى قطاعات جديدة من بينها المياه، ومستقبل التنقل، والفضاء، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا لحياة أفضل، والشباب، والرقمنة.

ويكتسب الأسبوع أهميته العالمية من خلال استقطابه مزيجاً فريداً من خبراء القطاعات ورواد التكنولوجيا والجيل المقبل من قادة الاستدامة، وذلك بهدف مناقشة الفرص العالمية التي يمكن أن تنتج عن تقارب القطاعات.

 ويشهد الأسبوع مشاركة عربية حاشدة من وزراء ومؤسسات وجهات حكومية متخصصة، كما إنه يستقطب مؤسسات مالية واستثمارية وشركات مقاولات وموردين عالميين يعملون في قطاع الطاقة والبنية التحتية، ما يجعله منصة مثالية للحوار والنقاش بين جهات ومؤسسات معنية عدة بقطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، مع التركيز على محور الاستدامة، وكنسخة كل عام، من المتوقع ان يجري الإعلان عن مشاريع عملاقة بإستثمارات ضخمة، وكذلك الكشف عن تكنولوجيات حديثة، كما إن هذا الحدث يشكل فرصة لنا في «مصدر» للكشف عن مبادراتنا ومشاريعنا المستقبلية.