الرئيس الإريتري: الشراكة السعودية-الأفريقية
فرصة ذهبية لمكافحة التخلف

17.11.2023
الرئيس الإريتري أسياس أفورقي
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

شنّ الرئيس الإريتري أسياس أفورقي هجوماً لاذعاً على الاتحاد الأفريقي و"الإيغاد" و"الإيواكس"، متهماً إياها بالفشل في تحقيق أهدافها في التنمية والرخاء لشعوب القارة. وفي حديث مع صحيفة "الشرق الأوسط"، اعتبر أفورقي أن هذه المنظمات "ولدت ميتة"، وتتحمل مسؤولية التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الدول الأفريقية، مشيراً إلى أنها تسببت في "إرهاق الشعوب وإرسالهم إلى رحلات الموت والقذف بهم على شواطئ البحر الأبيض المتوسط".أمام ذلك، بدا الرئيس الإريتري متفائلاً بالقمة  السعودية - الأفريقية، مُعتبراً إياها "فرصة عظيمة" من شأنها تعزيز شراكة استراتيجية حقيقية بين القارة الأفريقية والسعودية وانتشال شعوب المنطقة من مستنقع التخلف إلى التقدم والتنمية الاستدامة"، هذا فضلاً عن مساهمتها في رفع قدرات 1.2مليار نسمة، وتأمين الغذاء، في مواجهة الشح الذي يتسبب فيه التغير المناخي.

وحول أسباب عدم استفادة القارة الأفريقية من ثرواتها البشرية والطبيعية الهائلة، أشار الرئيس أفورقي إلى أن القارة الأفريقية تواجه عددًا من التحديات، منها الإهمال من قبل العالم الغربي وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وفي ظل هذه التحديات، تُعد القمة السعودية - الأفريقية فرصة عظيمة للتكامل بين الطرفين. فالسعودية  تتمتّع بقدرات كبيرة يمكنها أن تساعد في استنهاض القدرات الأفريقية ومواردها الثرية إذ سيؤدي ذلك إلى فوائد إيجابية لكل قارات العالم. كما قال إنّ الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وأفريقيا تتميّز بخصوصية خاصة في ظل حقبة تاريخية جديدة تتميز بالكثير من الأزمات والتحديات وقد حان الوقت لاستكشاف الفرص الوفيرة في أفريقيا واستثمارها في شراكات استراتيجية ذكية، مؤكداً على أهمية تغيير المنهجية التي تسير بها الدول الأفريقية.

وفيما يتعلّق بالتعاون بين إريتريا والسعودية في مجالات تأمين البحر الأحمر والممرات المائية، شدّد الرئيس أفورقي على أن الشراكة الاستراتيجية بين إريتريا والسعودية تشمل تأمين واستقرار البحر الأحمر وتهدف إلى مواجهة المهددات الأمنية في البحر الأحمر، وحماية الممرات المائية من التدخلات الخارجية.

 أمّا عن تحديات الشراكات الاستراتيجية بين أفريقيا والعالم الغربي، لفت الرئيس الإريتري إلى انّ القارة الأفريقية تتمتع بإمكانات هائلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكنها تواجه عددًا من التحديات المُعيقة لها. وفي ظل هذه التحديات، تُعتبر الشراكة الاستراتيجية بين أفريقيا والسعودية فرصةً حقيقيةً لتحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية نظراً إلى دورها في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني ودعم التنمية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تحقيق الشراكة الاستراتيجية بين أفريقيا والسعودية يتطلب من الدول الأفريقية معالجة التحديات التي تواجهها. كما لفت إلى وجود خلل في التعاطي الأوروبي - الأفريقي في تعظيم قدرات القارة السمراء، حيث أنّ الاستعمار الأوروبي للقارة يستغل قوى "دون تعميم" في القارة الأفريقية، ما سهّل له نهب الثروات الأفريقية، مُشدّداً على ضرورة تغيير المنهج الأفريقي للنهوض بالقارة.

كذلك تطرّق إلى أداء منظمة "الاتحاد الأفريقي" ومجموعة "الإيغاد"، حيث رأى أنهما لم ينجحا في تحقيق أهدافهما في إرساء السلام والأمن والاستقرار في أفريقيا. ويعود ضعف أداء منظمة "الاتحاد الأفريقي" إلى تقليدها للمنظومات الأوروبية دون إحداث هيكلة حقيقية تتناسب مع المرحلة، ورهن الحكومات والأنظمة السياسية قراراتها لقوى خارجية وفشلها في إيجاد حلول للصراعات الداخلية والخلافات الأفريقية. ودعا الرئيس أفورقي إلى تشخيص هذه الإشكالية لاستعادة الحياة في منظمة الاتحاد الأفريقي، وإعادة هيكلتها لتتناسب مع المرحلة. أمّا عن أداء مجموعة "الإيغاد"، فقد عزا إخفاق أداء المجموعة إلى تركيزها على التنمية دون معالجة التحديات الأمنية، وإلى دور الإثنيات والعرقيات والانتماءات في شل أداء المنظومة وانشغال الحكومات بتلقي الوصايا الخارجية. هذا ودعا الرئيس أفورقي إلى إعادة هيكلة مجموعة "الإيغاد"،  وإعادة توجيهها نحو تحقيق السلام والأمن والاستقرار في القرن الأفريقي.

وعن الأزمة السودانية، أشار الرئيس أفورقي إلى أن الدور الأفريقي في الأزمة السودانية كان مخزياً، وأن المنظمات الأفريقية، فضلاً عن منظمة الأمم المتحدة، فشلت في تحقيق أدنى مستوى من المعالجة للأزمة. واعتبر أنّ تعدد المنابر كان بمثابة ذريعة للتدخل الخارجي، وأن القوى السياسية الفاشلة عقّدت عملية الحلول الممكنة للأزمة. ورأى  الرئيس أفورقي أن السودان مستهدف من حيث الموقع الجغرافي والسياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، حيث نجم عن ذلك تعقيدات ومشكلات أدّت إلى نشوء الأزمة الحالية. وحول إمكانية حل الأزمة السودانية، دعا  الرئيس أفورقي إلى توحيد المنابر التفاوضية بمنبر واحد كمنبر جدة، إذ يمكن عبره إيجاد حل للأزمة السودانية، وذلك من خلال خريطة طريق واضحة وفق خطوات واقعية سليمة.

الأحداث الراهنة في غزّة كانت أيضاً  محور الحديث مع الرئيس الإرتيري، حيث أشار إلى أن الأوضاع في غزة مؤلمة جداً بكل ما تعنيه الكلمة، حيث عرّت النظام العالمي، وفضحت المزايدات والمواقف الدولية والدول العظمى. كما أنّ المأساة الحالية تطرح السؤال التالي: لماذا تم تأجيل الحلول إلى كل هذا الوقت الطويل؟، مُعتبراً أنّ طرح «حلّ الدولتين» هو مجرّد خدعة لن تجد طريقها للنفاذ وتم طرحها كذريعة للتهرب من الحلول الحقيقية. كما لفت إلى أن المظاهرات التي انتظمت بالعالم يمكن تأطيرها لخلق حالة شعبية عالمية لمواجهة التجبّر الإسرائيلي.

وفي الختام، تحدّث الرئيس أسياس أفورقي عن الوضع الاقتصادي في إريتريا، وعن الإصلاح السياسي في البلاد.  إذ لفت إلى أنّ خطة تحسين الوضع الاقتصادي في إريتريا لم تحقق حتى الآن أكثر من 25 في المائة من أهدافها،  لكن العمل جار وفق خطط لتعزيز الفهم الصحيح لتحسين الوضع الاقتصادي، وخلق فرص وتحديد الأولويات وتحسين البنى التحتية، إلى جانب إدارة تنمية الموارد المائية من أجل تحقيق الاستقرار في المورد المائي. وفيما يتعلّق بالإصلاح السياسي، رأى الرئيس أفورقي أن هناك حالة من اللحمة والتضامن بين الشعب الإريتري، ولا توجد معارضة، وإنما توجد عمالة بالخارج. كما اعتبر أن الخلافات في بعض الآراء يجب ألّا أن تؤدي إلى المعارضة، وإنما ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار للمصلحة العامة.