الكويت: انتقال سلس للسلطة
يعكس الرغبة بالاستقرار

19.12.2023
الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

رحل امير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بعدما شغل منصب الأمير لمدة 3 سنوات بعد وفاة أخيه الأمير السابق صباح الأحمد الصباح. وعلى رغم أنه قضى فترة حكم قصيرة، إلا أن تاريخه الطويل في المناصب الحكومية يسلط الضوء على مسيرته المليئة بالإسهامات وسجلاً مشرفاً في تاريخ البلاد إلى جانب أسلوبه الهادئ وتواضعه الجم الذي عزز مكانته عند الناس.

وكان شغل منصب ولي العهد لمدة 14 عاماً، وتميز في إطار حكم بيت الصباح بتوليه منصب وزير الدفاع خلال الغزو العراقي للكويت عام 1990، مما أدى إلى اندلاع حرب استجابة دولية لإنهاء الاحتلال، كما شغل منصب وزير الداخلية عندما كافحت قوات الأمن الكويتية المسلحين المخربين في كانون الثاني/ يناير 2005. واتاح له أسلوبه الهادئ المتكتم مواصلة دوره عندما هزّت الدولة الواقعة بالقرب من إيران والعراق أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرّات عدّة. كما قاد اقتصاد بلاده خلال أزمة ناجمة عن انخفاض أسعار النفط أدت إلى خفض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للكويت عام 2020. ولم يُحدث تغييرات جذرية في سياسة بلاده الخارجية. فقد أبقت الكويت على موقفها المتشدد حيال إسرائيل.  كما حافظت في عهده على علاقات وثيقة مع كلّ من السعودية وإيران اللتين وقعتا في مارس/آذار 2023 اتفاقا برعاية صينية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية.

وبالسلاسة المعهودة في الكويت، انتقلت سدة الامارة تلقائيا الى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي كان ولياً للعهد منذ عام 2020 وهو الأخ غير الشقيق للراحل الشيخ نواف والابن الـ17 لحاكم الكويت العاشر، وقضى معظم حياته العملية في تطوير وتعزيز أجهزة الأمن والدفاع في بلاده قبل ثلاث سنوات من تعيينه وليا للعهد، خصوصاً عندما تولى مهمات الأمير الشيخ نواف بعد مرضه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. وأصدر العديد من قرارات العفو التي جعلته يلقب بأمير العفو.

وعلى المستويين الإقليمي والدولي نجح الشيخ مشعل في توقيع اتفاقات تعاون مشترك مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة في مجال الأمن، وتمثيل الحرس الوطني لدولة الكويت في الاتحاد الدولي لقوات الشرطة والدرك.

وأثناء توليه منصب نائب رئيس الحرس الوطني قام رئيس الجمهورية الفرنسية بمنحه وسام قائد جوقة الشرف، مما يعكس الاعتراف العالمي بإسهاماته  في مجال الأمن والدفاع.

وعكس إجماع نواب مجلس الامة الحاضرين وعددهم 59 نائبا على الموافقة على إسناد المنصب للشيخ مشعل رغبة عامّة في بسط الاستقرار وتأمين الاستمرارية، وارتياحاً شعبياً في البلاد. وتعد عملية انتقال السلطة هذه بمثابة  نقلة سياسية نوعية في اتجاه ترسيخ تجربة الديمقراطية في الكويت، وذلك يتمثل في زيادة دور الشعب الكويتي الذي يمثله مجلس الأمة المنتخب في اختيار حاكمه، وهو أمر جاء عبر توافق داخلي بين كافة الأطراف التي ساعدت في إحداث تلك النقلة السياسية النوعية.

ومنذ صدور الدستور عام 1962، أسست الدولة الكويتية نظاماً سياسياً مميزاً في منطقة الخليج العربي، والذي يعد ملكياً دستورياً، فيه برلمان منتخب ديمقراطياً، مع حرية صحافة ورأي قل نظيرهما في العالم العربي.

 ولا شك أن استقرار الحكم في البلاد مرتبط كذلك بتسمية ولي العهد من قبل أمير البلاد ومجلس الأمة الذي يضمن انتقال السلطة بشكل سلس وسريع.