السياحة العالمية على عتبة
التعافي الكامل في عام 2024

29.01.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

مع استمرار تعافيها من جائحة "كوفيد-19"، تواصل السياحة العالمية السير على الطريق الصحيح نحو العودة إلى مستويات ما قبل الوباء في عام 2024. وبحسب بيانات منظمة السياحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، فقد استقطبت السياحة العالمية في عام 2023 حوالي 1.3 مليار وافد دولي، أي ما يعادل 88 في المئة من مستويات  ما قبل الوباء عام 2019.

وأصدرت المنظمة العالمية أحدث مقياس للسياحة العالمية لهذا العام، والذي يوفر نظرة عامة شاملة على أداء القطاع في عام 2023، ويتابع مقياس التعافي حسب المنطقة العالمية والمنطقة الفرعية والوجهة. وبحسب المقياس، قادت منطقة الشرق الأوسط التعافي السياحي من الناحية النسبية باعتبارها المنطقة الوحيدة التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء،  حيث ارتفع عدد الوافدين بنسبة 22 في المئة مقارنة بعام 2019.

أما أوروبا، المنطقة الأكثر زيارة في العالم، فقد وصلت إلى 94 في المئة  من مستويات 2019، مدفوعة بالطلب الداخلي والسفر من الولايات المتحدة. واستعادت أفريقيا 96 في المئة من زوارها قبل الجائحة، بينما بلغت نسبة الأمريكتين 90 في المئة.

ووفقًا للبيانات المتاحة، سجلت العديد من الوجهات، بما في ذلك الوجهات الكبيرة الراسخة والصغيرة والناشئة، نموًا مضاعفًا في عدد الوافدين الدوليين في عام 2023 مقارنة بعام 2019. كما تجاوزت أربع مناطق فرعية مستويات الوصول لعام 2019، وهي: جنوب البحر الأبيض المتوسط، أوروبا، منطقة البحر الكاريبي، وأميركا الوسطى وشمال أفريقيا.

وإلى جانب ذلك، أظهرت بيانات المنظمة أن الانتعاش السياحي ساهم بشكل كبير في تعزيز النمو الاقتصادي. فبحسب التقديرات الأولية، بلغت إيرادات السياحة العالمية 1.4 تريليون دولار في عام 2023، أي ما يعادل 93 في المئة من 1.5 تريليون دولار التي حققتها الوجهات في عام 2019. كما بلغت نسبة المساهمة الاقتصادية للسياحة، مقاسة بالناتج المحلي الإجمالي المباشر للسياحة، 3.3 تريليون دولار أمريكي في عام 2023، أي ما يعادل 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويشير هذا إلى انتعاش الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل الوباء، مدفوعًا بالطلب القوي على السياحة المحلية والعالمية.

وانعكس الانتعاش المستدام للسياحة في أداء مؤشرات الصناعة. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، استعادت السعة الجوية الدولية وطلب الركاب حوالي 90 في المئة  من مستويات ما قبل الوباء (IATA) ، وفقًا لمتتبع تعافي السياحة التابع لمنظمة السياحة العالمية. كما بلغت معدلات الإشغال العالمية في مؤسسات الإقامة 65 في المئة  في نوفمبر/تشرين الثاني، بزيادة طفيفة عن 62 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفقًا لبيانات "STR". 

وفيما يتعلق بآفاق العام 2024، من المتوقع أن تتعافى السياحة العالمية بالكامل من مستويات ما قبل الجائحة، حيث تشير التقديرات الأولية إلى نمو بنسبة 2 في المئة فوق مستويات 2019. وتعكس أحدث بيانات مؤشر الثقة في السياحة التابع لمنظمة السياحة العالمية تفاؤلًا واسع النطاق بشأن آفاق صناعة السياحة في عام 2024. حيث يتوقع 67 في المئة من المتخصصين في السياحة أداءً أفضل أو أفضل بكثير مقارنة بعام 2023، بينما يتوقع 28 في المئة أداءً مماثلاً، و6 في المئة فقط أداءً أسوأ.

كما توقعت منظمة السياحة العالمية أن يشهد قطاع السياحة في آسيا انتعاشًا قويًا في عام 2024، وذلك بفضل إعادة فتح العديد من الأسواق والوجهات المصدرية. ومن المتوقع أيضًا أن تتسارع وتيرة السياحة الصينية الصادرة والواردة، وذلك بفضل تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات وزيادة عدد الرحلات الجوية. كما ستعمل تدابير تسهيل التأشيرات والسفر على تعزيز السفر إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وما حولها. فقد أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي عن خطط لإصدار تأشيرة سياحية موحدة، على غرار تأشيرة شنغن، مما سيسهل السفر بين دول الخليج. كما اتخذت بعض البلدان الأفريقية تدابير لتسهيل السفر بينها، مثل كينيا ورواندا. ومن المتوقع أن تدفع أوروبا عداد النمو مرة أخرى في عام 2024 وأن يستمر السفر القوي من الولايات المتحدة، في دعم السياحة العالمية، بما في ذلك الوجهات في الأمريكتين وخارجها. وكما هو الحال في عام 2023، ستظل الأسواق المصدرة القوية في أوروبا والأمريكتين والشرق الأوسط من أهم العوامل التي تدعم تدفقات السياحة والإنفاق في جميع أنحاء العالم.

 وبالرغم من هذه الايجابية، إلا أن التوقعات المركزية لمنظمة السياحة العالمية تبقى رهينة لوتيرة الانتعاش في آسيا وتطور المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية الحالية التي تمثل تهديدًا كبيرًا أمام تعافي الثقة في السياحة العالمية. ومن الممكن أن يستمر التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وأسعار النفط المتقلبة وعرقلة التجارة في التأثير على تكاليف النقل والإقامة في عام 2024. كما يمكن أن يعطل تطور الصراع بين حماس وإسرائيل السفر في الشرق الأوسط والتأثير على  ثقة المسافرين، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الناجمة عن الحرب الروسية- الأوكرانية ، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية الأخرى، التي لا تزال تلقي بظلالها على الثقة.