محمد الشارخ
رائد المعلوماتية العربية

08.03.2024
محمد الشارخ
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

غيّب الموت رجل الأعمال الكويتي المرحوم محمد الشارخ بعد صراع مع المرض الذي أقعده عن العمل مؤخراً . وكان أبو فهد انصرف إلى الكتابة والتأليف إذ هو ذو ثقافة واسعة وكان ذوّاقاً مهتماً بالفنّ التشكيلي.

وبرحيله فقدَ مُجتمع الأعمال الكويتي والعربي أحد أبرز رجالاته الذي خاضَ عمار استثمار رائد في مجال المعلوماتية والإلكترونيات، فكان له الفضل في إدخال اللغة العربية إلى عالم الحاسوب للمرّة الأولى خلال ثمانينات القرن الماضي. وعملَ على ابتكار أوّل نظام تشغيل باللغة العربية مما جعل التكنولوجيا في متناول فئات المجتمع كافة بدءاً من المجتمع التربوي والتعليمي وصولاً إلى مجتمع الأعمال.

فبعد نيله دروساً معمقة في جامعة القاهرة، انتقل محمد الشارخ إلى "كلية وليامز" في الولايات المتحدة حيث نالَ شهادة الماجستير في التنمية الاقتصادية، وبعد عودته إلى الكويت تولى منصب نائب المدير العام في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ثم عمل كمدير تنفيذي مُناوب في البنك الدولي، وعادَ بعد ذلك ليؤسس ويترأس بنك الكويت الصناعي.

ولقد أتاح له عمله في تلك الفترة امتلاك أصول اللعبة الاقتصادية وعرف شؤونها وتفاصيلها، لكن أي مجال منها لم يجذب محمد الشارخ ليكون في عداد التجار أو المصرفيين أو العاملين في البورصة الذين كانوا كثيرين حوله. بل كان للرجل تطلّع آخر وهو الإنتاج الذي يراه قائماً على الإبتكار والتصميم وإنتاج سلع أو خدمات ذات قيمة مُضافة.

إلا أن هذا الشعار لم يكن للاستهلاك بل قاد محمد الشارخ إلى إلباسه حلة واقعية عملية فدخل مجال صناعة المعلومات التي كانت في حينه جديدة في المنطقة، وهي صناعة تنطوي على صناعة الأجهزة والبرمجيات.

وكان واضحاً له أن العرب لن يتمكنوا من استيراد Soft Ware كاستيراد التلفزيون أو السيارة مستقلاً عن اللغة وإنما هي لغوية الطابع على أساس التفاعل معها بلغة ما. وبالتالي آمن الشارخ أنه لا يمكن للشعب العربي كلّه ليتحدّث اللغة الإنكليزية إذن لكي تنشر تقنية الحاسب في المنطقة العربية لا بدّ أن تكون اللغة المُستخدمة عربياً.

في ضوء هذه الرؤية المُبكرة اتجه الشارخ ليبدأ رحلته، فهل كانت لديه الثقة الكاملة بالنجاح، في حديث له مع "الاقتصاد والأعمال" أوائل تسعينات القرن الماضي يقول الشارخ:

"في ما يتعلّق بالاستثمار كان عندي ثقة، أما بالنسبة إلى التقنية فمن السهل ايجادها إذا اعتمدت على الأشخاص الاكفاء، ولكن من جهة ثانية، هل يمكن إنتاج سلعة أو خدمة جديدة من دون مُغامرة؟ وما هو الخطأ في المُغامرة ؟.

لقد آمن محمد الشارخ بالنجاح لكنه كان يعرف أنه يخوض مُغامرة وبالتأكيد نجح وصار "صخر" عنواناً للتقنية العربية. بفضل رؤيته وثقافته الواسعة وبفضل الاعتماد على الكفاءات العربية التي اختارها بدقة من كبرى شركات المعلوماتية مثل "مايكروسوفت" دخل معها في نزاع قضائي لكونها استقطبت بصورة غير مشروعة بعض العاملين لدى "العالمية".

محمد الشارخ خسارة كبيرة ويصعب اليوم وجود شخص يركّز هواجسه وحواسه على تطوير التقنيات العربية في عالم تكنولوجيا المعلومات. وسيظلّ أرثه الدائم كركيزة لصناعة تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي.

كان محمد الشارخ رجلاً متميزاً  بكل معنى الكلمة بثقافته وبأفكاره وشغفه بالمعلوماتية. وكان الأخ والصديق لـ "الاقتصاد والأعمال"  حيث تعاونا معه لفترة طويلة وساهمنا معاً في نشر الإعلام المعلوماتي في البلاد العربية.

شركة "العالمية" لم تكن كويتية وحسب بل كانت عربية توزع نشاطها الرئيسي بين الكويت والرياض والقاهرة وكانت له شبكة فروع في كلّ أنحاء الوطن العربي. بالإضافة إلى بعدها الدولي الممتد إلى اليابان وأوروبا.