إنه مشروع بحجم الأحلام، وهو رجل الأحلام.. والأفعال.. إنه مشروع حقيقي يشبه الخيال، وهو رجل مبدع لا يشبه إلا نفسه.. إنه «أيلة» المشروع الإستثنائي بروعته وضخامته، وهو صبيح المصري الإستثنائي محقق المشروع الحلم وغيره من الطموحات التي راكمها إنجازاً فوق إنجاز.. بهذه الخلاصة والإنطباع خرجت بعد جولة، برفقة الكبير بتواضعه صبيح المصري، في أرجاء المشروع وكانت لمجلة «الاقتصاد والأعمال» فرصة التحدث معه عن «أيلة»- المشروع والدور.
هناك على خاصرة العقبة، وعند مساحات «على مدّ النظر» وقف صاحب الإنجاز الكبير مع سنوات عمرٍ وتجربةٍ ليروي بقلبه وعقله وأحاسيسه حكاية حلم ثلاثي الأبعاد (شخصي، تنموي ووطني) صار مشروعاً أراد أن يتوج به سلسلة نجاحاته الموزّعة على إمتداد العالم العربي ولاسيما في السعودية والاردن وفلسطين، فهو من أكبر المستثمرين العرب في مجالات عدة أهمها القطاع المصرفي والفندقي والزراعي والصناعي، ليضيف الآن التميّز في المجال العقاري والسياحي المتعدد الإستخدام.
كان «الأمن العربي» يتقهقر خطوة بعد خطوة وصعب التوقع، وكان صبيح المصري يمشي الى الأمام نجاحاً بعد نجاح في العقبة. فالعثرات الأمنية المحيطة لم تكن حجر عثرة في دربه، والعقبات الاستثمارية لم تقطع طريقه الى العقبة، هو الذي وثق بالأردن بيئةً استثمارية آمنة قررّ أن يغذّيه بأحلام قابلة للتحقيق، وأكمل الطريق؛ رسم خيوط مشروعه بنور الأمل والإرادة والقرار وقبل كل شيء الايمان، وكان له ما أراد. بإختصار كان نبعاً في مواسم الشحّ وثروةً في زمن العسر.
صاحب الخبرة، صار الخبر. فمع صبيح المصري إستفاقت العقبة على صباحات من الإنجازات في المشروع العملاق الذي يشبه صاحبه. «أنا مش مصدّق».. يقول وهو ينظر الى الواحة التي صارت تنبض بالحياة. كيف لا وتلك المساحات التي كانت مسكونة بالفراغ تحوّلت ساحات للحياة، والحقول التي كانت منطقة عسكرية مهجورة ومزروعة بالألغام صارت حقولاً للأمل وفرص العمل ولبراعم أحلامٍ تتفتح حقائق على أرض الواقع.
وعلى أرض الواقع ذاك، ومع «المعلّم صبيح» كما يحلو لفريق عمله أن يناديه، وقفنا وجهاً لوجه أمام حلم صار مشروعاً ينبض في قلب مدينة العقبة وتتغذّى شرايينه من مياه البحر الأحمر.
متّكئاّ على رصيد من خبرة وتجربة لامعة وعلى ثمانية وسبعين عاماً بل ربيعاً، رافقنا «أبو خالد» مع وفد صغير من رجال الأعمال والأصدقاء اللبنانيين لبّوا دعوته للتعرف على«مشروع العمر».
في تلك المنطقة المطلّة على خليج العقبة الخلاّب وعلى امتداد أربعة ملايين و300 ألف متر مربع تمثل مساحة المشروع، كانت النجاحات تحكي عن نفسها. نسير والدهشة رفيقنا وكأننا لا نصدّق أن في هذا العالم العربي الجريح والمأزوم، ثمة من لم يفقد الأمل والعزيمة والإرادة، أمثال صبيح المصري، الرجل الرؤيوي الذي صمّم أن يسكب من خليج العقبة مياه الحياة في مشاريع للمستقبل تشكل نقطة مفصلية في الحياة السياحية والتنموية في العقبة وتلبي حاجات الشباب الأردني الى فرص العمل.
جرأة كاسحة للألغام
«أيلة» ليس مجرّد إسمٍ لمشروع، بل هو جزء من استراتيجية تطوير منطقة العقبة الاقتصادية التي أُنشئت منذ 14 عاماً بتوجيه من العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، كما إن صبيح المصري ليس مجرّد مستثمر، بل صاحب رؤية حول الدور الوطني لرجال الأعمال في تطوير الاستثمارات والمساهمة تالياً في إنعاش اقتصاد الاردن.
بمسؤولية وروح وطنية يتحدث المصري عن هموم اقتصاد الاردن وعن المشاريع الحيوية لهذا البلد. ومن هذه الروح غرف، عندما أقدم بجرأة على مشروع «أيلة» الفريد والذي رأى فيه كثيرون في البداية، مغامرة. إنه يقع في نقطة حساسة حدودية مع ايلات الاسرائيلية، ومزروعة بالألغام ما دفع البعض الى القول «إن المصري اشترى متر الأرض بلغمه»، ومقابل 67 ألف لغم تمت إزالتهم على حساب الشركة، سيتّسع المشروع لخمسين ألف شخص يمكن أن يسكنوا فيه بعد اكتمال مراحله.
...وتغيّر وجه العقبة
بصمات المصري ظاهرة في «أيلة» التي غيرّت وجه العقبة. إنه فخور بأحد أهم المشاريع الاستثمارية ذات الموقع الاستراتيجي الممتد بطول 235 متراً على الواجهة البحرية الخلابة للعقبة التي تعدّ الميناء البحري الوحيد في الأردن. وبإعتزاز يخبر عن إنجاز البحيرات الاصطناعية التي زادت الطبيعة جمالاً فوق جمال وزادت الواجهة البحرية الاردنية بنحو 17 كلم لتضاف الى الشواطئ الطبيعية للعقبة والممتدة على 27 كلم. ومن الطبيعة وشمسها ينتج المشروع من خلال تقنية الطاقة الشمسية 6 ميغاواط من الطاقة النظيفة داخل حدوده ولأغراضه الخاصة ليكون الأكبر والوحيد في هذا المجال. أما ملعب الغولف ذو المواصفات العالمية، فلا بدّ أن يشكل واحة جذب للإستجمام والترفيه وممارسة الهواية. والى الفنادق والوحدات السكنية والتجارية التي بدأت طلائعها بالظهور، يلفت نظرك في المشروع «مرسى اليخوت» فيه تلك المارينا الساحرة التي ستكون الأكبر وتتّسع لـ 300 قارب.
جهود وحوافز مطلوبة
وبما أن «أيلة» عبارة عن مشروع تطوير سياحي عقاري متعدد الاستخدام، كان من الطبيعي أن نسأل صبيح المصري عن الأهمية التي يوليها الاردن للسياحة وخصوصاً في منطقة العقبة. يوضح: «إن جلالة الملك عبد الله يولي اهتماماً استثنائياً للعقبة التي حوّلها منطقة اقتصادية خاصة تقدّم للمستثمر تسهيلات وحوافز كالإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية بهدف تشجيع الاستثمار في المجالين السياحي والصناعي، وهناك تفهم من القيّمين على هذه المنطقة الاقتصادية لتأمين كل ما يسهّل عملية التحسين في هذا المجال. لكن لا شك في أن الأمر يحتاج الى وقت، إذ يتطلّب تغييراً في الذهنية لقبول وإنجاح الاستثمار في السياحة، غير إن الامور تتقدم شيئاً فشيئاً».. وتابع المصري أن المطلوب اهتمام إعلامي أوسع بمنطقة العقبة والمزيد من الجهد والعمل كتأمين خطوط جوية مباشرة اليها على غرار شرم الشيخ، وهو إذ يشعر بمسؤولية اجتماعية ووطنية، يقترح على المسؤولين الذين يناقشهم بأن يحذوا حذو مصر لناحية المرونة في التعاطي مع الاستثمارات في شرم الشيخ، «فالدولة المصرية مثلاً تبيع الأراضي للمستثمرين بأسعار زهيدة بهدف تشجيعهم. لا ينكر المصري صعوبة منافسة مصر مثلاً، حيث العمالة أرخص وكذلك أسعار الكهرباء والمياه في حين أن كلف التشغيل للمرافق وخصوصاً السياحة منها في الاردن أغلى، ويتطلب بالتالي من المستثمر ومن الحكومات بذل مجهود كبير لتقديم مستوى خدمات أفضل ورفع القدرة التنافسية.
تحدّيات أمن الجوار
أما بالنسبة الى مقوّمات جذب السائح وإزالة العقبات أمام مجيئه الى العقبة أو الاردن عامة، فيعتبرها غير كافية وإن كانت بعض المواقع الأثرية مثل البترا والبحر الميت تشكل عامل جذب سياحياً، لكنه يؤكد أن المشكلة الكبرى في الوقت الحاضر تتمثل في «أن الاردن، وإن كان يتمتع بإستقرار أمني، إلا أنه يقع في قلب منطقة المشاكل في العالم العربي من مصر الى فلسطين وسورية فالعراق، علماً أن معظم الحركة السياحية في اتجاهه تأتي من هذه البلدان». ولكن رغم كل ذلك فلا بدّ أن تُفرج الأمور مستقبلاً يقول؛ بهذه الروح التفاؤلية يفكر «أبو خالد» فالتشاؤم واليأس لا يعرفان طريقاً اليه أياً كانت الظروف. ومن فيلم «ذهب مع الريح» حفظ عبارة صارت نهجاً في حياته وعمله «الغد هو دائماً يوم أفضل» tomorrow is always better day.
للفعل لا للكلام
«لا أحب سياسة الورق، وأفضل أن أعرض المنتج عندما يكون هناك شيء ملموس وظاهر يمكن الإستناد اليه». هذه هي قناعة «أبو خالد» ونهجه اللذان نقلهما الى فريقه، ولهذا السبب لم يخرج القيّمون على المشروع الى الإعلام إلا عندما صار هناك شيء على الأرض يمكن الكلام عنه، علماً أن التحضير لمشروع «أيلة» بدأ منذ 14 عشر عاماً. ومن أهم مبادئ «المعلم صبيح» في العمل شعاره الذي يقول « لا تتكلم كثيراً بل إفعل، واترك فعلك يحكي عن نفسه». وهكذا كان.
تبدو لافتة البنية التحتية المنجزة في كامل مشروع «أيلة» الذي بدأت تتّضح ملامحه ليكون منجزاً في المرحلة الأولى بعد نحو عامين من الآن «ولضخامة المشروع كان القرار في إنجاز كامل أعمال البنية التحتية من شوارع وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات إضافة الى البحيرات الاصطناعية وملعب للغولف، وبدأت حالياً مرحلة الأشغال على أساس مراحل العمل والمنجز منها».
نقاط قوة ورهان
وهنا ينوّه المصري بالبنية التحتية في الاردن بشكل عام والعقبة بشكل خاص، ويتحدّث عن ميزات العقبة وأبرزها «أنها منطقة ذات أحكام خاصة «شبه حرة» وأنها هادئة وآمنة، كما إن الوصول اليها سهل بحراً وجواً مع الاشارة الى أن مطارها لا يبعد سوى خمسة كيلومترات عن مشروع «أيلة». هي مقصد لعدد كبير من عرب الجوار الذين يشعرون أنهم بين أهلهم، وقد تكون أيضاً مقصداً للأوروبيين لما يميّز جمال الطقس واعتداله طوال العام». أما بماذا يتميّز مشروع «أيلة» عن سواه من المشاريع القائمة في العقبة، فلم يرغب الإجابة تاركاً للزوّار أن يحكموا عليه، غير إن المشروع الذي هو في طور الإكتمال لا شك سيرفد الاقتصاد، برأي المصري، بآلاف فرص العمل لأهل العقبة وسيكون عنواناً سياحياً وتجارياً وترفيهياً بارزاً. ويضيف:«مع نمو الفنادق سواء في «أيلة» أو في غيره من المشاريع سيكون هناك نحو ثلاثة آلاف غرفة فندقية جديدة جاهزة خلال السنوات الخمس المقبلة، وطبعاً سيكون لهذا الأمر دور كبير في تنمية الاقتصاد في العقبة وخلق المزيد من فرص العمل للشباب، وهذا من أبرز أهدافنا ويُفترض أن يكون من أولويات السياسات الحكومية».
Red-Dead الجبّار
هكذا، يزرع صبيح المصري وأمثاله اليوم في العقبة، وغداً تحصد المنطقة وأبناؤها الثمار. هذه المنطقة الواعدة فتحت شهية المستثمرين الأجانب كالصينيين مثلاً على التوظيف والاستثمار فيها، فهل يمكن أن تفتح «طريق الحرير» الطريق أمام استثمار صيني في العقبة؟ يجيب المصري بأن سياسات الدولة هي التي ستفتح مجالات الإستثمار مع الصينيين وسواهم، مشيراً الى «أن الملك عبد الله الثاني يقوم بجهود جبّارة لجذب الاستثمار الى الاردن، أما بالنسبة الى الصينيين الذين يرون في العقبة موقعاً استراتيجياً مهماً بين الشرق والغرب وقربها من أفريقيا، فيتركز اهتمامهم على الاستثمار في المجال الصناعي وهذا ما يظهر على أرض الواقع، وهم أيضاً من أكثر المهتمين بالاستثمار في البنى التحتية وبشكل خاص في مشروع مهم وحيوي للغاية هو مشروع البحر الأحمر- البحر الميت أو ما يُعرف بـ Red-Dead، ومهمة هذا المشروع الجبّار ضخ المياه وجرّها من البحر الأحمر الى البحر الميت الذي ينخفض مستواه متراً كل سنة، وبالتالي فإن وجوده سيكون مهدداً بعد نحو 50 عاماً». ويرى المصري أن red dead هو أهم مشروع وطني استراتيجي لأنه سيلبي احتياجات الاردن الكبيرة والماسة لمياه الشرب وسينقذ البحر الميت، كما إنه سيتيح المجال لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.
في حضرة «المعلّم»
وعلى الأمل بأن تصبح العقبة وكل الاردن نقطة استقطاب للمستثمرين من كل أنحاء العالم، ومع الدعاء بأن يخرج العالم العربي من أزماته، ختم صبيح المصري حديثه. مع ختام اللقاء أدركنا أننا لم نكن أمام شخصية عادية بل في حضرة قامة اقتصادية، استثمارية ووطنية شكلت علامة فارقة في هذا الزمن الصعب. إنه رجل يعرف ماذا يريد، ومتى أراد كان. يصعب اختصاره بكلمات لكنه يبقى « المعلّم» ومدرسة للأحلام الكبيرة. هو القائل:«الحلم أصبح حقيقة.. والآتي هو الأفضل والأجمل؛ جميعنا أركان في بنائه ونجاحه، وجميعنا نتشارك قطف ثماره من دون استثناء ولن يمنعنا شيء من أن نكون شركاء في ما يقدّم لنا».
«أيلة»... نموذج للتطوير العقاري في العقبة
يؤكّد القيمون على شركة «واحة أيلة للتطوير» أن مشروعها يُعدّ من أبرز الإستثمارات في الاردن وتُقدّر كلفته بنحو ملياري دولار. بوشر العمل به في العام 2008 على أن تنفيذه سيكون على مراحل ثلاث، وقد تمّ حتى الآن تطوير نحو 70 في المئة من الأراضي ضمن المرحلة الاولى التي تنتهي مطلع العام 2018 في تشغيل كامل.
ماذا يضم «أيلة» ؟
يجمع مشروع «أيلة» في مكوناته أفضل ميزات المشاريع السكنية والسياحية المتنوعة الخدمات، ويضم عند اكتماله ما يلي:
البحيرات الإصطناعية الممتدة على 750 ألف متر مربع والتي تشكل واجهة بحرية جديدة ضمن المشروع بطول 17 كلم، وهذا يعني زيادة رقعة شاطئية بنسبة 60 في المئة على الواجهة المائية للعقبة والتي تمتد على 27 كلم، مع الإشارة الى أن ربط البحيرات الاصطناعية بمياه البحر أحدث تغييراً حقيقياً في أراضي مدينة العقبة بتحويلها من أراض صحراوية إلى بحيرات على شكل جزر مائية رائعة، ومركز جاذب للاستثمار السياحي في المدينة.
خمسة فنادق بسعة 1500 غرفة تشمل المرحلة الأولى منها على نحو 286 غرفة فندقية تتمثل بفندق «حياة ريجنسي» والذي ينتهي العمل به منتصف العام المقبل.
قرية المرسى (Marina Village) التي ستكون مركزاً تجارياً يضم محلات ومقاهي ومطاعم ومرافق ترفيه واستجمام.
نحو ثلاثة آلاف وحدة سكنية ..موزعة مناصفة بإطلالة على ملعب الغولف وعلى البحيرات الاصطناعية إكتملت منها 150 شقة موزعة على جزيرتين تطلان على أضخم مرافئ اليخوت في العقبة لتكون بذلك الشقق الأولى من نوعها على مستوى المشاريع العقارية السياحية والتجارية التي تحمل هذه الإطلالة الخلابة الى جانب 136 شقة مطلة على ملعب الغولف بوشر العمل بها مؤخراً.
ناد وملعب غولف يتكون من 18 حفرة، ويعتبر أحد أهم ثلاثة ملاعب غولف صديقة للبيئة في العالم، هو من إمضاء المصمم العالمي غريغ نورمان، كما يشمل أكاديمية خاصة لتعليم الغولف من تسع حفر مما يجعله يحظى بإهتمام محترفي وهواة اللعبة، أما تشغيله فيبدأ مطلع العام 2017، حيث يستضيف للمرة الاولى البطولة العربية للغولف. نواد شاطئية متنوعة وأحواض سباحة وأماكن ترفيهية متنوعة.