عندما ترك قبل نصف قرن مدينته الملقبة بـ «عروس البقاع» زحلة، لم يكن روبير نجار يعلم انه سيحلّق كفاءةً وشهرةً في عالم الطب ليصبح طبيباً لبنانياً لامعاً في روما التي سحرته، فاستحق الجائزة العالمية الكبرى التي نالها العام الحالي تكريماً لمسيرته الناجحة.
روبير نجار الشاب الذي أنهى علومه المدرسية في مدرسة عينطورة، غادر لبنان في العام 1969 إلى فرنسا حيث دخل الجامعة وباشر تخصصه في مجال الطب. لم يمرّ على وجوده في باريس أكثر من سنتين عندما التقى صدفةً بصديق له كان آتياً من ايطاليا، فوعده نجار بزيارته هناك في فلورانس ووفى بوعده. وهنا يقول نجار: «لقد سحرتني ايطاليا منذ أن حللت فيها، ولشدة إعجابي بها قررت أن أبقى فيها. وعليه انتقلت إلى روما منذ أكثر من 43 عاماً وأكملت في إحدى جامعاتها دراستي وتخصصت في الطب النسائي».
مشوار النجاح
الحرب التي اندلعت في لبنان هي التي جعلت من عودة الشاب الطموح روبير نجار إلى وطنه متعثرة، فاضطر الى البقاء في روما ، وهناك انصرف إلى البحث العلمي في الطب النسائي وأولى موضوع العقم إهتماماً شديداً، فكان أول من أنشاً مركزاً متخصصاً في هذا المجال .
وتكريماً لجهوده وإبداعاته في مجال عمله، حصل د. نجار في نيسان 2018 على الجائزة العالمية الكبرى (Grand prix international) وهي الجائزة التي لا تُمنح في ايطاليا إلا للمبدعين والبارعين.
يجـــب بــذل كــــل الجهـــود للإستفـادة مـن الطاقات اللبنانية المبـدعة في الخــارج
وطن الجذور
فالطبيب المشهور في إيطاليا لم ولن ينسى وطنه الأم لبنان الذي يزوره مرة أو مرتين سنوياً، وبعد أن مارس حقه الإنتخابي وشارك للمرة الأولى في الإنتخابات النيابية مقترعاً في السفارة اللبنانية في روما، شارك أيضاً في مؤتمر الطاقة الإغترابية الذي انعقد في أيار في بيروت حيث كان مسروراً بلقاء نخبة من اللبنانيين المنتشرين في العالم واتفقوا في ما بينهم على التواصل بإستمرار، ومن بين هؤلاء أحد أقاربه الذي كان آتياً من كولومبيا والتقاه صدفةً في المؤتمر.
وشدّد د. نجار في هذا المجال على ضرورة الإستفادة من الطاقات اللبنانية الكبرى والعظيمة في الخارج داعياً الجميع إلى أن يتساعدوا على تحقيق ذلك.
لا ينكر د. نجار أن وضع لبنان صعب وحرج للغاية وخصوصاً في ظل ما يحصل من حوله في المنطقة، لكنه في الوقت نفسه متفائل ولم يقطع الأمل من عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحروب من أمنٍ واستقرار وطمأنينة وسلام، وعودة لبنان للعب دوره السابق كبلد للحياة وُصف يوماً بأنه جوهرة الشرق.
الهنــدسة والطــب والفنــون الجميلــــة أكثـــر القطــاعــــات التــي يتــوزّع عليهـــا لبنانيــــو إيطــاليــا
لبنانيو إيطاليا
وعن لبنانيي إيطاليا يوضح د. نجار بأن أكثر القطاعات التي يعملون فيها هي الهندسة والفنون الجميلة ، مشيراً أيضاً إلى عدد لا بأس به من الأطباء اللبنانيين البارعين واللامعين في إيطاليا، أسوةً بزملائهم الناجحين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم.
في رأي نجار أن الإبداع اللبناني لا يقتصر على الأطباء فقط، «فاللبناني مبدع أينما وُجد في العالم. وحتى في لبنان، لن يكون أقل شأناً في حال ارتاح باله وشعر بالطمأنينة والإستقرار حيال مستقبله، كما إن لبنان سيكون أفضل حالاً ومقصداً لكثيرين وجاذباً للسياحة والإستثمار
في حال تحسّنت أحوال طرقاته ووضع السير عليها، إذ لا يجوز أن تستغرق الرحلة من مطار بيروت إلى جونيه أكثر من وقت الرحلة من روما إلى لبنان».