تغيرات كبيرة شهدها قطاع انتاج الطاقة الكهربائية في المملكة العربية السعودية، فرضها النمو القوي في الطلب وبنسبة 6.6 في المئة سنوياً، في ظل توقعات بأن يحتاج القطاع الى استثمارات إضافية خلال السنوات الخمس المقبلة تصل الى 20 مليار دولار.
بحسب تقرير صادر عن الشركة العربية للاستثمارات البترولية «أبيكورب»، بات الإصلاح في عملية إنتاج الكهرباء في السعودية ضرورة لا بدّ منها، في ظل الإرتفاع السريع في الطلب نتيجة زيادة عدد السكان والإنتاج الصناعي، وتطوير عدد من المناطق النائية وغيرها، كما إنّ استمرار الدعم لأسعار الكهرباء طيلة المرحلة السابقة، والانخفاض في الإيرادات الحكومية ما بين العامين 2014-2016، وضع ملف انتاج الكهرباء تحت أعباء إضافية لجهة تأمين الإيرادات اللازمة للتطوير والصيانة ورفع السعة، التي تبلغ حالياً نحو 82 جيغاواط.
إصلاح مسار الإنتاج
تُعتبر الشركة السعودية للكهرباء المُنتج الرئيسي للطاقة الكهربائية، وبطاقة 57 جيغاواط، في حين تتولى التوزيع الحصري للقطاع. وفي المقابل، يقتصر دور القطاع الخاص على انتاج نحو 25 جيغاواط من مصادر الطاقة التقليدية. ووفقاً للبيانات الراهنة حول تطور نسب الاستهلاك للكهرباء في المملكة، فإن الاستمرار على هذا النهج سيحدّ من قدرات الإنتاج، مع التنويه إلى أن هناك حاجة ملحة لإضافة نحو 17 جيغاواط في السنوات القليلة المقبلة.
الإنتاج المستقل دور محوري
وفقاً لتقرير أبيكورب، هناك أكثر من سبب لدعم دور المنتجين المستقلين (IPPs) على المدى القصير. أولاً، لأن الاعتماد على هذا النموذج يقلل الضغط المالي عن الشركة السعودية للكهرباء من خلال توفيره مقدماً رأس المال المطلوب لإنتاج الطاقة. ثانياً، عادة ما تكون مشاريع المنتجين المستقلين أكثر تنافسية من حيث التكلفة، حيث إن المنافس الذي يقدّم أقل العروض كلفة يفوز بالمناقصة. ثالثاً، ان تنفيذ المشاريع وفق صيغة المنتجين المستقلين عادة تكون أسرع من الجهات الحكومية، ومن المفيد ذكره في هذا السياق، أنّ مقدمي الإنتاج للكهرباء المستقلّين يحققون عوائد مجزية في المملكة في ظل عقود طويلة الأمد، وتصريفاً مضموناً للإنتاج طيلة مدة العقد عبر الشركة السعودية للكهرباء.
دعم حكومي لإعادة الهيكلة
هناك توجه حكومي جاد لإصلاح قطاع الكهرباء في المملكة على المدى الطويل، وذلك بمنح القطاع الخاص دوراً أكبر في عملية الإنتاج عبر عقود الخصخصة (PPPs)، وبخاصة من خلال تحفيز القطاع للدخول في مشاريع إنتاج الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة، كما إنّ الحاجة الى الخصخصة تبدو أكثر واقعية في ظل استمرار حاجة الشركة السعودية للكهرباء الى التمويل المستمر عبر الاستدانة محلياً وخارجياً، وقد بلغ مجموع الدين خلال العقد الماضي نحو 26 مليار دولار.
وهناك حلول عدة أقرّتها الحكومة لمواجهة تحديات ملف الكهرباء، لعلّ أبرزها خطة تجزئة الشركة السعودية للكهرباء الى ست شركات، أربع لإنتاج الطاقة وتكون حكومية، وواحدة للنقل وأخرى للتوزيع تكون بيد القطاع الخاص، لكن حتى الآن ما زال تطبيق هذه الحلول شبه جامد ولم نلحظ أي شراكة للقطاع الخاص في هذه الخطة.
أيضاً من الحلول التي اعتمدتها حكومة، إعادة هيكلة أسعار الطاقة وذلك مع الربع الثاني من العام الجاري بحيث ارتفع التسعير للاستخدام السكني وحافظ على مستوياته بالنسبة الى القطاعين الصناعي والحكومي، لكن ومع ارتفاع مشتقات النفط، فإن انتاج الكهرباء ايضاً سيكون عرضة للمزيد من الأعباء المالية، حيث إن كل الإنتاج يعتمد
حالياً على مصادر الوقود الأحفوري.