إنها بازل نفسها، والموعد نفسه، منذ 46 عاماً، لكن معرض عالم بازل ليس نفسه. تغييرات كثيرة طرأت هذا العام على المعرض «الأكبر» والأكثر شهرة في صناعة الساعات والمجوهرات في العالم. تتمثل أهم هذه التغييرات بالتراجع الدراماتيكي في عدد العارضين والذي بلغت نسبته 73.3 في المئة بالمقارنة ما بين العامين 2009 و2019، واللافت كان انسحاب الدور الكبيرة. لكن بالمقابل، هناك تغييرات إيجابية بدأت تتشكل معالمها لعل أهمها إقتناع إدارة المعرض بأنه حان الوقت لتغيير نموذج عمل المعرض والاستجابة لمتطلبات الأسواق ولطلبات العارضين، إذ بادرت إلى وضع خطة أطلقت عليها «رؤية 2020 +».
لم يكن معرض عالم بازل الأخير كما عهده زوّاره منذ إنطلاقته قبل عقود، فهل هو مؤشّر على أفول عصر المعارض التقليدية أم كان فعلاً «مرحلة إنتقالية» كما وصفها مدير عام عالم بازل ميشال لوريس-ميليكوف؟ وهل ستفلح جهود المنظّمين لتحويله إلى منصة رقمية توفّر المعلومات على مدار السنة للدور والمهتمين بقطاع الساعات والمجوهرات والقطاعات ذات الصلة في وقف النزف الحاصل في عدد العارضين وفي إعادة وصل ما انقطع بين إدارة المعرض والدور المنسحبة؟ وهل ينجح إتفاق كل من إدارتي معرض عالم بازل والصالون العالمي للساعات الرفيعة لتقريب موعدي الحدثين في إنقاذ المعرضين الأبرز في صناعة الساعات والمجوهرات؟ الجواب ستحمله الأيام المقبلة والموعد الجديد للصالون وعالم بازل ما بين 26 أبريل و5 مايو 2020.
في الوقائع...
لم يتمكن المعرض هذا العام، رغم التحديثات التي يصلح القول إن الضرورة فرضت قسماً منها من استقطاب أكثر من 520 عارضاً من ضمنهم 20 علامة ساعات حديثة العهد أو قيد التأسيس تشارك للمرة الأولى ضمن جناح خصّص لها تحت اسم Incubator في مركز الصحافة سابقاً، مقابل 650 عارضاً العام 2018، و1952 في العام 2009. ولعلّ الغائب الأكبر كان
Swatch Group، حيث أدى غيابها إلى تقليص مساحة القاعة الرئيسية التي كانت تشغل الجزء الأكبر منها من خلال ما يزيد على 12 علامة ساعات تملكها، واستحداث مطعم داخل القاعة لسدّ الفراغ وكذلك نقل مركز الصحافة إليها والذي لطالما شغل مبنى منفصلاً. وأقرّ مدير عام عالم بازل بتراجع عدد العارضين والزوّار والصحافيين المهتمين بتغطية الحدث هذا العام، لكنه في المقابل شدّد على نوعية الزوار «الممتازة» كما قال. وبدا واثقاً من «أن التحوّل بدأ مع نسخة هذا العام من المعرض والتي وصفها بالمرحلة الانتقالية لـ«رؤية 2020+» الهادفة إلى تحويل عالم بازل إلى منصة رقمية توفّر معلومات وخدمات وأدوات تواصل على امتداد العام للعاملين في صناعة الساعات والمجوهرات والأحجار الكريمة وقطاعات التكنولوجيا والصحافة والمدونين والمؤثرين، إلى جانب وكلاء التجزئة وهواة الجمع».
وأوضح لوريس-ميليكوف أن Baselworld 2020 سيتضمن أحداثاً مبتكرة حيث يتم التخطيط لتنظيم قمة التجزئة Retailer Summit على هامش المعرض، وحوارات مع رؤساء تنفيذيين فضلاً عن تخصيص منطقة للواقع الافتراضي وأخرى للساعات الذكية ومربّع للإبتكار، وذلك بعد أن خصص المعرض الأخير جزءاً مما كان سابقاً مركز الصحافة للعلامات الجديدة وتلك قيد التأسيس، وأشار كذلك إلى أن عالم بازل سيفتح أبوابه أمام الزبائن النهائيين وهواة الجمع من خلال عروض خاصة سيقدمها لهم المعرض.
... والتوقّعات
لم يذكر البيان الختامي للمعرض أياً من أسماء الدور المشاركة في النسخة المقبلة كما في مرات سابقة، ولم يعرف بعد ما إذا كانت العلامات الكبرى التي اشتركت هذا العام وهي الأربع التابعة لمجموعة LVMH، والداران التابعتان لدار Chanel، إلى جانب علامات Chopard وPatek Philippe وCarl. F. Bucherer وGucci وBreitling وRolex وTudor، ستشارك العام المقبل، علماً أن Breitling التي تنشط على خط تنظيم أحداثها الخاصة، تدرس جدياً احتمال عدم مشاركتها العام المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى Rolex وتالياً Tudor التابعة لها والتي انتهى تاريخ عقدها مع المعرض هذا العام.
وفي وقت تتجه الأنظار نحو Swatch Group لمعرفة ما إذا كانت ستعود إلى عالم بازل 2020 رغم تأكيد الرئيس التنفيذي للمجموعة نك حايك عدم العودة، استبعدت بعض الأوساط بدورها ذلك، مستندة إلى عنوان معرضها الخاص الذي تنظمه منتصف مايو المقبل Time To Move أي «حان وقت الانتقال» والذي دعت إليه عدداً مختاراً من الصحافيين من العالم والمنطقة و«الاقتصاد والأعمال» من ضمنها. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المجموعة كانت من أكثر المعترضين على أداء إدارة المعرض ولطالما اشتكت وعدداً كبيراً من العارضين من ارتفاع تكلفة المشاركة والتي كانت تكبّدها ما يقارب 60 مليون دولار سنوياً وفق أحد وكلاء التجزئة.