شكّلت الاستراتيجية الرقمية التي اعتمدها بيت التمويل الكويتي أحد العناصر الرئيسية في خطة التحولات التي شهدها البنك مع تولي الإدارة الجديدة قبل نحو خمس سنوات. ونجح «بيتك» عبر الخدمات الرقمية النوعية في تقديم نموذج جديد ومختلف مقارنة مع ذلك الذي كان سائداً في السابق، إذ شكّل كسب رضا العملاء وتسهيل الخدمات وتحفيز الابتكار محور هذه الاستراتيجية، كما ركز البنك على إطلاق هوية مستقلة لفروعه الرقمية تحت مسمى (KFH Go) والتي ستقود التوسع في الفروع إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي والبلوك تشاين في العمليات التشغيلية.
ينطلق رئيس الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المالية الخاصة في مجموعة بيت التمويل الكويتي وليد خالد مندني من الاستراتيجية التي جرى تنفيذها على مدى السنوات الخمس الماضية والتي كان محورها كسب رضا العملاء، مشيراً إلى أن تحقيق هذا الهدف يتمحور حول عناوين عريضة عدّة من بينها سرعة الإنجاز في الخدمات والدقة والفاعلية والسلاسة والسعي المستمر للإرتقاء بها.
ثقافة خدمات وإبتكار
ويضيف مندني أن تطبيق هذه الاستراتيجية تطلّب العمل على ثلاث مراحل: الأولى امتدت ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام وركزت على بناء قاعدة أساسية تمهد لمستقبل رقمي (Digital Future)، من خلال عناصر عدّة: الأول، تغيير الثقافة الداخلية السائدة عبر وضع رضا العملاء في مقدم الاهتمام في مختلف قنوات التوزيع وتضم الفروع، ومراكز خدمة العملاء، والمبيعات المباشرة وسواها. الثاني، تبسيط الإجراءات الداخلية وجعلها أكثر سلاسة وزيادة فاعليتها. الثالث، إعتماد التكنولوجيا الحديثة في كافة المجالات مع أنظمة مواكبة لها في التسويق وغيرها.
أما المرحلة الثانية فركزت على إطلاق خدمات رقمية فورية تتناسب مع متطلبات جيل الألفية (Millennials)، وهو ما تُرجم في تطوير منصة الكترونية متكاملة ومتعددة الوسائط، في حين أن المرحلة الثالثة والأهم تمثلت في تكريس ثقافة الابتكار داخلياً من خلال فتح المجال أمام الموظفين لتقديم إقتراحاتهم وتحفيزهم على ذلك . وشكل هذا التوجه أداة مهمة لتطوير خدمات تكنولوجية عدّة، كان من بينها خدمة الحجز الإلكتروني لمواعيد للعملاء في الفروع (Skiplino) والتي تقدم للعميل معلومات حول الفرع الأقرب إليه والذي يمكن من خلاله إتمام خدمته فيه في وقت أسرع مقارنة بالفروع الأخرى.
KFH Go
كذلك ترجم بيت التمويل الكويتي أحد عناصر رؤيته الجديدة في الخدمات الرقمية عبر إطلاق «KFH Go» لتكون بمثابة علامة جديدة لشبكة فروع رقمية بالكامل في خطوة تعدّ الأولى من نوعها بين المصارف الكويتية، وفي هذا السياق يقول مندني إن «بيتك» بات يملك تسعة فروع ذكية في مختلف المناطق، وهي مزودة ببنية تحتية متطورة كأجهزة XTM التي تمكّن العميل من التواصل المباشر مع موظفي الخدمة الهاتفية ، ومن المتوقع أن يرتفع عدد هذه الفروع إلى عشرة في نهاية العام الحالي، مشيراً إلى أن 80 إلى 90 في المئة من الخدمات المصرفية التي تتم في الفروع التقليدية بات يمكن إتمامها من خلال الفروع الالكترونية ، ومن بينها طباعة دفاتر الشيكات وبيع وشراء الذهب وإيداع الأموال من دون استخدام بطاقة الصرف الآلي وفتح شرائح محددة من الودائع، واستلام سبائك ذهبية.
12 فرع KFH Go حتى نهاية العام
ويضيف مندني أن الأولوية في المرحلة المقبلة ستكون للتوسع في هذه الشريحة من الفروع على حساب تلك التقليدية، إلى جانب تكريس المزيد من البنية التحتية الرقمية في العمليات التشغيلية بحيث تقود النمو المستقبلي، مشيراً إلى أهمية الفروع الرقمية في خفض التكلفة مقارنة مع تلك التقليدية ولاسيما بالنسبة إلى مجموعة «بيتك» التي لديها شبكة فروع خاصة بالرجال وأخرى للنساء ما يجعل التكلفة التشغيلية للفروع مضاعفة مقارنة بالمصارف الأخرى. ويتوقع مندني أن تأخذ الفروع شكلاً مختلفاً في المستقبل، بحيث يبقى العنصر البشري محوراً رئيسياً فيها، غير إن نمو عدد الموظفين فيها سيكون أقل من السابق.
تطوير العمليات المصرفية
كذلك، نجح بيت التمويل الكويتي في استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة في العمليات المصرفية بهدف الاستفادة منها في تعزيز كفاءة الأنظمة وتسريع إتمام الإجراءات، ويقول مندني إن التطور التقني يساهم في تحسين المنتجات ورفع مستوى الخدمات وجودتها وكذلك تخفيض النفقات، مشيراً إلى أن هذا التوجه دفع للإستفادة من خدمات البلوك تشاين في أنظمة الدفع والتسوية، بما يساهم في تقليص المتطلبات الإدارية وتعزيز المرونة.
ويضيف أنه بموجب خطة التحول الرقمي في البنك جرت الاستعانة بروبوتات مصرفية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في العلميات التشغيلية في خطوة هي الأولى من نوعها في السوق الكويتية عبر برنامج روبوت للعمليات التشغيلية (RPA) لتبسيط العمليات الداخلية المتعلقة بعمليات تمويل العملاء، كما أُضيفت حزمة واسعة من الخدمات الجديدة إلى تطبيق «بيتك» على الهواتف الذكية kfhonline بهدف جذب عملاء الفروع وطرح خدمات عدة غير مسبوقة من بينها على سبيل المثال إيداع الشيكات عبر الهواتف الذكية وخدمة الشات بوت (Chatbot) عبر الإنترنت أو الهاتف المحمول المتاحة للعملاء على مدار 24 ساعة، وخدمة السحب النقدي من دون بطاقة عن طريق الموبايل من خلال الرمز التعريفي QR code ومن خلال البطاقة المدنية، وخدمة KFH Pay للدفع الالكتروني، ومنصة إلكترونية بخدمات وعروض السيارات
kfh.com/auto ، وخدمة «أطلب تمويلك أون لاين» التي تمكّن العملاء من طلب تمويل عبر تطبيق KFHOnline من دون الحاجة لزيارة الفرع، ويعدّ بيت التمويل الكويتي أول مصرف في الكويت انضم إلى شبكة «ريبل» (RippleNet) لأنظمة المدفوعات والتي تعتمد تقنية تحويل الاموال عبر العالم من خلال تقنية البلوك تشاين.
نموذج موحد للخدمات
أما حول كيفية الاستفادة من التكنولوجيا في تحقيق الدمج بين الخدمات في مختلف الأسواق، يوضح مندني أنه في ظل اختلاف الأدوات الرقابية بين بلد وآخر يبقى التباين قائماً في التوجهات التشغيلية بين المصارف التابعة للمجموعة في الخارج ، غير إن هناك طموحاً لتوحيد الاستراتيجيات الرقمية وتكريس معايير موحدة كرضا العملاء ، تسهيل الإجراءات ، خفض رسوم الخدمات، تحقيق حجم مبيعات أعلى ، التركيز على شريحة الشباب بين مختلف المصارف التابعة للبنك في الأسواق على أن يجري ذلك من خلال منصة الكترونية موحدة ، أي وفق النموذج المعتمد لدى الشركات العالمية المتخصصة في خدمات التجزئة كـ «أمازون» وغيرها.
بين التكلفة والإستثمار
أما في ما يتعلّق بأثر الخدمات الرقمية على تكلفة التشغيل، يميز مندني بين حالة تأسيس نموذج عمل قائم على التكنولوجيا وبينها وبين التحول لإستخدام التكنولوجيا لنموذج عمل قائم بالفعل، مشيراً إلى أن هذا التحول يشكل محور الحديث عن التكلفة وأثرها على الربحية ولا سيما في حال الاحتفاظ بشبكة الفروع التقليدية.
ويضيف أن التوجّه نحو بناء منصات الكترونية توفر الخدمات، لا يهدف على الأقل في المرحلة الأولى إلى الإستفادة منها في تحقيق الربحية أو تعزيز مؤشرات الأداء الأساسية (KPI)، بقدر تأكيدها الحرص على مواكبة التطورات وتجاوز التحديات التي تفرضها الخدمات الالكترونية، مشيراً إلى أن تحقيق الربحية من المنصات الالكترونية قد لا يتحقق إلا بعد مرور ثلاث سنوات على الأقل وتحديداً بعد بناء قاعدة رقمية متكاملة.
«بيتك» أول من استخدم الروبوت المصرفية في الكويت
وحول مصادر الحلول الرقمية التي يعتمد عليها «بيتك» والتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية (Fintech)، يوضح مندني أن بعضاً من هذه الخدمات يجري تطويرها داخلياً، كما إن البنك يستفيد من شركته التابعة مجموعة الأنظمة الالكترونية (ITS) التي توفر خدماتها الرقمية المتطورة للمصارف الإسلامية، يضاف إليها مصدر مهم عبر «بيتك-تركيا» والذي نجح في تقديم تجربة رقمية مميزة كما إنه يملك شركات متخصصة عدّة في مجال البرمجيات وأجهزة الصراف الآلي وغيرها.