لبنانيو الخليج وأفريقيا بدأوا التوجه إلى قبرص للسكن والأعمال
هل بات "الشيك المصرفي" اللبناني عائقاً أمام تملّك اللبنانيين في قبرص، وبات هذا الشيك الذي لا يمكن تحويله إلى الخارج بمثابة "عملة عاطلة"؟
هل فعلاً بدأ لبنانيو الخليج وأفريقيا يتوجّهون نحو قبرص للسكن والعمل؟
وهل أدت الظروف المتلاحقة في لبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً إلى تواجد جالية لبنانية في الجزيرة الجارة بسبب ظروف لبنان وسياسات قادته الطاردة للسياحة الخارجية والاستثمارات الأجنبية، وكذلك طاردة للبنانيين الذين يبحثون عن سبل للهجرة.
هذه الأسئلة وسواها تبرز من خلال استعراض نشاط المطورين اللبنانيين في قبرص، وتسليط الضوء على المستجدات الحاصلة سواء حول المشاريع الجاري تنفيذها أو حركة البيع.
أهداف في البداية
بدأ المطورون العقاريون التوجه خارج لبنان خلال العامين 2015 و2016 هرباً من الركود الذي أصاب القطاع العقاري نتيجة لأسباب سياسية واقتصادية عكّرت المناخ الاستثماري وأدت إلى انكفاء الخليجيين عن التملك في لبنان.
وترافق ذلك، مع إقدام قبرص وغيرها من البلدان كـتركيا واليونان وإسبانيا وسواها على تقديم حوافز لاستقطاب استثمارات عقارية سواء من خلال توفير الإقامة وأحياناً الجنسية فضلاً عن حوافز وإعفاءات أخرى.
غير أن قبرص كانت أكثر اجتذاباً من سواها ولاسيما على صعيد الاستثمار في التطوير العقاري وذلك لأسباب عدة أهمها: القرب الجغرافي، والاستقرار السياسي والأمني، ناهيك دخول قبرص في مرحلة التعافي من الأزمة الاقتصادية والمالية التي واجهتها، أضف إلى ذلك انتمائها إلى الاتحاد الأوروبي.
بهذه الخلفية وانطلاقاً من هذه المعطيات، توجه المطورون إلى قبرص، كما أقدم اللبنانيون على التملّك هرباً من تدني نوعية الحياة في لبنان.
والواقع أن ثمة عدداً من المطورين اللبنانيين من الشركات والأفراد توجه إلى قبرص لتنفيذ مشاريع عقارية خاصة في لارنكا، إلا أن أبرز هؤلاء كان ولا يزال رئيس مجموعة Plus Properties جورج شهوان الذي يعتبر عنواناً بارزاً للحضور العقاري اللبناني في قبرص.
جورج شهوان
بدأ جورج شهوان نشاطه في قبرص قبل نحو 5 سنوات وبدأ حفر أول مشروع في آذار 2016. وحتى اليوم أصبحت محفظة مشاريع "بلاس بروبرتيز" تضمّ 32 مشروعاً تم تسليم 18 مشروعاً منها، ويجري تنفيذ 8 مشاريع، كما ثمة 6 مشاريع في مرحلة التحضير للخرائط والتراخيص.
ويقول جورج شهوان أن مشاريعه تتوزع على مدينة لارنكا (20)، وليماسول (9)، وبافوس (1) ونيقوسيا (1)، ويعتبر شهوان أنه المطور الأقوى في لارنكا وواحد من كبار المقاولين في ليماسول.
وقال شهوان: نلاحظ في هذه الأيام أن لبنانييي الخليج وأفريقيا بدأوا يشترون في قبرص المنازل والمكاتب بهدف الإقامة والعمل، ناهيك عن تعليم أولادهم في المدارس. وأضاف: "من المؤسف أن يتمّ ذلك وهذا ناتج من الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً". ويتابع لدينا طلبات شراء من جنسيات عدة من لبنانيين وأردنيين وسوريين وسعوديين وصينيين". ويضيف: بات هناك جالية لبنانية في قبرص، كانت نواتها موجودة منذ سنوات لكنها تزايدت في هذه المرحلة.
وعن كيفية البيع قال شهوان: يدفع المشتري 30 في المئة مسبقاً ويسدد الباقي تبعاً لإنجاز الأعمال.
ولكن ماذا عن كيفية التسديد من جانب اللبنانيين قال: في البداية كنا نقبل الشيكات المصرفية حيث تمكّنت الشركة من إطفاء ديونها لدى الصارف. أما حالياً فيمكن للبناني الشراء على أساس دفع نصف ثمن الشقة من خارج لبنان. أما النصف الثاني من لبنان فتمّ زيادته تبعاً لتطور الفارق بين السعر الرسمي والسعر السائد في السوق السوداء.
وسئل عن إلغاء العقود مع لبنانيين فقال تمّ إلغاء بعضها نظراً إلى تعذر أصحابها على الإيفاء بالتزاماتهم.
يوسف كنعان
من جهة أخرى، ثمة نوع أخر من الاستثمار العقاري في قبرص متمثلاً بشركة داناسي للتطوير العقاري المحدودة Danacy Property Developer LTD التي يشغل منصب مديرها العام يوسف كنعان أحد أركان شركة اتحاد المقاولين C.C.C..
يقول كنعان: أنجزنا مشروعاً مميّزاً في لارنكا، لكننا أوقفنا نشاطنا في هذه المرحلة على الرغم من أن الشركة تملك أراضٍ في لارنكا، وعزا ذلك إلى الظروف المحيطة بعملية الدفع بالنسبة إلى اللبنانيين من خلال الشيك المصرفي الذي لا يمكن تحويله إلى الخارج. وطالما أن الشركة ليس لديها ديون فإننا لسنا مضطرين إلى قبول هذه الشيكات.
وللتذكير بمشروع "دانا 1" فإنه يتألف من ثلاث مبانٍ تحتوي على 15 شقة بمساحة كل منها نحو 220 متراً مربعاً.
وقال كنعان أن المجمع (Gated) يضمّ بين الأبنية مسبحاً وملعباً للأولاد والموقع يبعد عن البحر مسافة 5 دقائق بالسيارة وإلى جانبه يقام أكبر "مول" في لارنكا.
وأوضح أنه تمّ بيع القسم الأكبر من الشقق والمشترون هم لبنانيون وقد تحول الطلب من اللبنانيين إلى القبارصة.
فيللات مستقلة
من جهة أخرى، أحد المطورين اللبنانيين الناشطين في قبرص الذي رفض الكشف عن اسمه، قال أنه ينشط في مجال بناء الفلل الكبيرة المستقلة المجهزة بحدائق ومسابح خاصة وقريبة جداً من البحر. وقال أنه يتلقى يومياً عشرات الاتصالات من اللبنانيين الراغبين في الشراء في قبرص مقابل شيكات مصرفية مشيراً إلى ارتفاع وتيرة هذه الاتصالات في الأيام الأخيرة بعد تقلص الفرص المناسبة في لبنان.
وأوضح أنه في بداية الأمر كان متحمساً للبيع في مقابل شيك مصرفي بقسم من الثمن والباقي يدفع في الخارج إلا أنه تراجع عن هذه الفكرة لكونه ليس مديناً لأي مصرف لبناني.
في المقابل قال أن مطورين باعوا بموجب شيكات أما لكونهم مدينين أو لكونهم كانوا يقومون من خلال الشيكات المصرفية بشراء بعض مواد البناء في لبنان وشجّع المطور على ضرورة التفكير بالاستثمار في قبرص نظراً لسهولة تأخير الوحدات، ونظراً إلى الضرائب ورسوم الخدمات المنخفضة المترتبة على الوحدة السكنية.
عدنان نويهض
من جهته قال مدير عام بنك SBA القبرصي المملوك من البنك اللبناني الفرنسي إنه إلى جانب المطورين كان للمقاولين اللبنانيون دورهم في تنشيط القطاع العقاري في قبرص.
وأشار إلى خبرات المقاولين في بناء الأبراج التي هي اتجاه جديد في قبرص مشيراً في ذلك إلى شركة "مان" التي تساهم في بناء 3 أبراج لشركة "دلمار" أحدها 33 طابقاً والثاني 25. كما أشار إلى شركة الإنشاءات العربية (ACC) التي تتشارك مع شركة GMP القبرصية في بناء برج.
وقال نويهض أن بعض المطورين القبارصة باعوا شققاً للبنانيين بموجب شيكات مصرفية تمّ استخدامها في لبنان لشراء مواد بناء مثل الخشب والألمنيوم والمطابخ.
ويوضح نويهض أن المصارف القبرصية توفّر قروضاً للسكن سواء إلى القبارصة أو اللبنانيين مشيراً إلى أن معظم اللبنانيون اشتروا شققهم نقداً (Cash).
وأكد نويهض أنه أصبح هناك جالية لبنانية في قبرص وهي تتزايد يوماً بعد يوم.