يارا عشي
رغم أن سنوات الحرب على سورية لم توقف العمل في المدينة الصناعية في عدرا، قرب دمشق، إلاّ أن أداء المنشآت تأثّر سلباً وتراجع عدد المصانع والمنشآت العاملة في المدينة من 2000 قبل الأزمة، إلى 600 خلال الحرب.
اليوم بعد أن استطاعت مضاعفة عدد منشآتها العاملة، تسعى إدارة مدينة عدرا الصناعية لتنشيط حركة الاستثمار عن طريق تهيئة البنية التحتية وإعطاء مزايا وقروض متماثلة للمستثمرين السوريين والعرب والأجانب والتسويق الخارجي الذي يستهدف بالدرجة الأولى الدول الصديقة لسورية.
" الاقتصاد والأعمال" التقت مدين نصرة معاون مدير عام المدينة الصناعية في عدرا الذي أكّد أن 1300 منشأة تعمل حالياً في المدينة بحجم استثمارات يبلغ 704,6 مليار ليرة سورية، تشغّل حوالي 7 آلاف عامل. كما يبلغ عدد المعامل قيد البناء 2204. وأوضح أن أبرز المعوقات التي واجهت الصناعة خلال فترة الحرب كانت هجرة عدد كبير من الصناعيين والعمّال وأصحاب الخبرة الفنية. والتحاق عدد كبير بالخدمة الالزامية. وهذا ما نتج عنه نقص كبير في الأيدي العاملة والخبرات.
مجمّع صناعي
وقال نصرة: نحن كإدارة نسعى لتحقيق التكامل في الانتاج الصناعي، فمدينة عدرا التي تبعد 35 كم عن دمشق وتقدّر مساحتها الاجمالية بحوالي 7005 هكتار، تحتوي على 10200 مَقسم صناعي وهي مقسّمة إلى قطاعات منها الصناعات المتوسطة التي تشمل حالياً الصناعات الدوائية والنسيجية والكيميائية ومواد البناء والدباغات. وقطاع الصناعات الصغيرة وأيضاً قطاع الصناعات المتناهية الصغر إضافة لمنطقة الحرف التي تخدّم كافة أنواع الصناعات. هذه الباقة من الصناعات والخدمات المتكاملة تؤدي إلى تخفيض كلف الانتاج ما ينعكس بشكل مباشر على سعر المنتج.
وعن المزايا التي توفرها المدينة للمستثمر أوضح نصرة أن المستثمر يستطيع أن يباشر في بناء منشأته بعد 15 يوماً من صدور الرخصة من نقابة المهندسين ومدينة عدرا. وأن المقاسم المعروضة للبيع مجهّزة بنسبة 75في المئة كبنية تحتية تشمل الماء والكهرباء والصرف الصحي. وبإمكان المستثمر أن يتملك المقسم من خلال ميزة التقسيط فإمّا أن يدفع 20 في المئة نقداً ويقسّط باقي المبلغ خلال خمس سنوات، أو يدفع 30 في المئة ويقسّط الباقي خلال عشر سنوات. وبيّن أن المستثمر الأجنبي والعربي يتمتعان بكامل المزايا التي يتمتع بها المستثمر السوري. وأن أي مستثمر خارجي يستطيع أن يتملك أرضاً لمشروعه في المدينة عبر جواز سفره فقط. ويبلغ سعر الدونم في المدينة 46.500 مليون ليرة سورية.
13000 منشأة و7 آلاف عامل
استثمارات لبنانية وسعودية
وكشف عن وجود سبعة مستثمرين لبنانين حالياً في مدينة عدرا أحدهم شريك أساسي في معمل لإعادة تدوير البطاريات وهو معمل كبير أسس منذ أربع سنوات وبدأ بالإنتاج منذ أشهر. وقال نصرة أن المدينة تحتضن أيضاً مستثمرين عراقيين كما أن هناك منشأة لمجموعة بن لادن السعودية فيها مجابل وتنتج مواد بناء ولم تتوقف عن الانتاج طيلة فترة الحرب. وعن الاستثمارات الايرانية التي باشرت في الانتاج قبل الحرب، أوضحَ أن هناك معملين قائمين الأول لإنتاج الزجاج والثاني بشراكة مع الحكومة السورية لإنتاج سيارة (بيجو) الايرانية وسيارة (شام) وأن المعملين لم يتوقفا عن الانتاج خلال الأزمة. وأضاف: إننا نعمل في مجال التنمية المستدامة ويهمنا بالدرجة الأولى وجود صناعات متنوعة في مدينة عدرا تغطي حاجة السوق المحلية وتصدّر للخارج.
وعن توجّه الحكومة السورية لتشجيع المُنتَج المحلي قال نصرة أن الحكومة أعطت ميزات خاصة للصناعات المحلية بحيث أعفت المستثمر من الدفعة الأولى من ثمن الأرض ومددت سنوات التقسيط لتصل إلى 20 عاماً. وجاءت هذه الخطوة بهدف الاستغناء عن المنتجات الخارجية المستوردة وتوفير القطع الأجنبي. وأضاف أن هناك معملين استفادا من هذه الميزة وينتجان حالياً الخميرة والسماد.
2200 معمل قيد الإنشاء
الحصار والعقوبات
وعن تداعيات الحصار والعقوبات الاقتصادية إضافة لتفجير مرفأ بيروت قال نصرة أن الحصار كان له أثر سلبي مباشر خاصة من ناحية توفير المواد الأولية مما اضطر الصناعي للجوء إلى طرق أخرى مرتفعة التكلفة انعكست على أسعار المنتجات في الأسواق السورية. وأوضح أن معظم حمولات المواد الأولية الخاصة بالصناعة كانت تأتي عن طريق مرفأ بيروت وتفجير المرفأ أوقف هذه الحركة. لذلك تحاول الحكومة السورية حالياً أن تدعم الصناعيين وتوفر لهم الخدمات التي يحتاجونها ومنها رخص الاستيراد للاستمرار في الانتاج.
إدارة مدينة عدرا تبحث حالياً عن توسعات جديدة بعد أن حققت المدينة نسبة امتلاء تجاوزت 70 في المئة وانتهت من بناء خمس وحدات سكنية لخدمة المستثمرين، كما استطاعت العام الماضي أن تنهي أعمال البنى التحتية لمركز خدمة المستثمر وأن تنفّذ مركز بيانات متكامل لخدمة الصناعيين، وحصلت على موثوقية التوقيع الالكتروني في إطار سعيها لتحقيق الجهوزية التامة للانخراط في الحكومة الالكترونية. وأكّد نصرة أن إدارة المدينة تنشط حالياً في مجال التسويق الخارجي وتحضّر لتطبيق مشروع تسويق الكتروني العام المقبل في دول الخليج والدول الصديقة.