السيارات الكهربائية
سيطرة مطلقة للشركات الصينية
دول المنطقة تتحضر وقيود إضافية تضعها الدول المصنّعة

23.10.2023
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

كتب خطار زيدان

يتزايد الإقبال على شراء السيارات الكهربائية في الأسواق العالمية عاماً بعد عام، في ظل إعلان الشركات المصنعة للسيارات بالتحول التدريجي لاعتماد المحركات الكهربائية في سياراتها بدلاً من محركات الاشتعال الداخلي، وبروز شركات مصنّعة جديدة متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، وفي ظل القيود البيئية التي بدأت تفرضها بعض الدول، وسياسات الدعم التي تأتي بأشكال مختلفة، سواء للشركات المصنعة للسيارات الكهربائية، أو للمستهلك أو حتى من خلال الإعفاءات الجمركية. وعلى الرغم من التأخر في عملية التحول والمواعيد المعلنة سابقاً بسبب عدة عوامل، أبرزها جائحة كورونا وتداعياتها، والحرب الروسية الأوكرانية، والكلفة المرتفعة لأسعار البطاريات، إلا أن المسيرة مستمرة حيث بلغ حجم مبيعات السيارات الكهربائية في الأسواق العالمية 7.8 ملايين سيارة في العام 2022، ما يمثل نسبة 10 في المئة من إجمالي مبيعات السيارات، وبنمو نسبته 68 في المئة مقارنة بالعام 2021، ويتوقع أن تبلغ هذه المبيعات أكثر من 14 مليون سيارة في العام الحالي 2023.

120 شركة صينية

للسيارات الكهربائية وBYD متصدرة

وتشهد صناعة السيارات الصينية الكهربائية نمواً كبيراً وسيطرة مطلقة على سوق السيارات الكهربائية في الصين التي تعد أكبر الأسواق العالمية، كما تسيطر على المبيعات العالمية أمام المصنّعين الأميركيين والأوروبيين واليابانيين والكوريين. وقد صدّرت الصين في العام 2022 نحو 679 ألف سيارة كهربائية (بزيادة نسبتها 120 في المئة عن العام 2021)، ويبلغ عدد الشركات الصينية المصنّعة للسيارات الكهربائية نحو 120 شركة بأحجام ومستويات مختلفة طبعاً، وتشكل مبيعاتها نسبة 80 في المئة من السوق الصينية، كما تهيمن على أسواق جنوب شرق آسيا، حيث تشكل مبيعاتها نحو 75 في المئة من إجمالي سوق السيارات الكهربائية.

وتصدرت شركة BYD سوق السيارات الكهربائية العالمية في العام 2022 بحصة 18.4 في المئة، مقابل 13 في المئة لشركة تسلا و 8.2 في المئة لشركة فولكس واغن، و 7.2 في المئة لشركة سايك، و 6 في المئة لعلامة جيلي (حسب شركة ستاتيستا للإحصاءات).

وتستفيد السيارات الكهربائية الصينية من دعم كبير من الحكومة، التي ترى في هذه الصناعة إحدى الركائز الأساسية لصناعاتها المستقبلية، ومن تطور تقني بارز خصوصاً في السنوات الأخيرة، وتنوع كبير في التصاميم، ويد عاملة رخيصة، وبالطبع تستفيد من منافسة سعرية كبيرة يصعب مجاراتها من قبل الشركات الأوروبية، الأميركية، اليابانية، أو حتى الكورية.   

ومؤخراً أعلنت الحكومة الصينية عن نيتها ضخ 66 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة لمساعدة المستهلكين الصينيين على شراء سيارات كهربائية. علماً أنها قدمت منذ العام 2014 دعماً بأكثر من 25 مليار يورو من خلال إجراءات ضريبية.

كما تهيمن الصين على توفر المواد الخام اللازمة لتصنيع البطاريات، مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنغنيز، ما يعني أن البيئة جاهزة لإحكام السيطرة على مختلف مراحل الإنتاج وعلى سلسلة التوريد. وبدأنا نشهد السيارات الكهربائية الصينية الصنع في جميع أنحاء العالم.

أسواق الشرق الأوسط تتحضر

 الإمارات الأكثر جهوزية والسعودية بدأت في التصنيع

وفي أسواقنا الشرق أوسطية لا زال انتشار السيارات الكهربائية خجولاً في غالبية الأسواق لأسباب عدة قد يكون أبرزها عدم جهوزية البنية التحتية، وانخفاض أسعار النفط نسبياً، لكن بدأ هذا الانتشار يشهد نمواً ملحوظاً في أسواق معينة مثل الإمارات العربية المتحدة التي التزمت بتعزيز التنقل المستدام بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2050، وفي تعزيز اعتماد التنقل الكهربائي، وهو ما يتضح من خلال مبادرات مثل مبادرة دبي للتنقل الأخضر 2030، والتي تهدف إلى توفير نحو 42 ألف سيارة كهربائية في شوارع دبي بحلول العام 2030. واتخذت الدولة مبادرة الشاحن الأخضر للمركبات الكهربائية، التي أدت إلى توسيع نطاق توفر محطات الشحن بشكل كبير، ليصل عددها إلى نحو 700 محطة منتشرة في مناطق متعددة. وتتوسع البنية التحتية باستمرار لاستيعاب العدد المتزايد من السيارات الكهربائية.

كما أن المملكة العربية السعودية وفي ظل خططها الطموحة ضمن مستهدفات رؤية 2030 للتحول إلى اقتصاد أخضر ومستدام، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2060، بدأت بضخ المليارات لتحقيق أهدافها في أن تصبح ضمن أكبر 5 دول مصنّعة ومصدّرة للسيارات الكهربائية في العالم. وبعد أن استحوذت من خلال صندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصة تزيد على 60 في المئة من شركة لوسيد Lucid المصنعة للسيارات الكهربائية الفاخرة، أعلنت مؤخراً عن البدء في عمليات التصنيع مستهدفة انتاج 150 ألف سيارة خلال السنوات الثلاث المقبلة. كما أطلقت المملكة شركة سير Ceer السعودية في العام 2022 لإنتاج السيارات الكهربائية على أن تبدا عمليات الإنتاج في العام 2025، وأعلن صندوق الاستثمارات العامة نهار الأحد 22 أكتوبر الحالي التوقيع على اتفاقية مشروع مشترك مع شركة "هيونداي موتور" لإنشاء مصنع لإنتاج 50 ألف سيارة سنوياً في المملكة، بينها سيارات تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي وأخرى كهربائية. وسيبدأ الانتاج في العام 2026. وكان الصندوق قد أعلن مع الشركة السعودية للكهرباء عن اطلاق شركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية وتوفير ما يزيد على 5 ألاف شاحن سريع بحلول العام 2030.

ولا شك أن السيارات الصينية الكهربائية سيكون لها حصة هامة في دول المنطقة، بعد أن غزت سياراتها المجهزة بالمحركات ذات الاحتراق الداخلي مختلف الأسواق، وأصبحت تشكل مبيعاتها في بعض الأسواق، كالسوق السعودية مثلاً، السوق الأكبر في المنطقة، نسبة تزيد على 20 في المئة من مبيعات السيارات الجديدة.

إجراءات حمائية متزايدة للدول المصنّعة

وفي الأسواق العالمية تقوم حكومات الدول الكبرى المصنّعة للسيارات بمحاولة حماية أسواقها وصناعاتها المحلية للحؤول دون سيطرة صينية على أسواقها بعد أن شعرت بخطر كبير يهدد شركاتها المحلية.

وفي الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى امتلاك ما لا يقل عن 30 مليون سيارة كهربائية على الطرقات بحلول العام 2030، من نحو 3 ملايين سيارة في العام الماضي، يزداد الشعور بخطر سيطرة السيارات الصينية بسبب التعرفة الجمركية المقبولة المطبقة على السيارات المستوردة، والتي تبلغ نسبة 10 في المئة، في حين أن الولايات المتحدة الأميركية لديها تعرفة جمركية مرتفعة جداً تبلغ 27.5 في المئة، وهو ما يعد بمثابة حظر فعلي.

وقد عبر تقرير أصدره مؤخراً الاتحاد الأوروبي عن هذا التهديد للصناعات المحلية، وأشار إلى أن الفروقات السعرية بين السيارات الكهربائية الصينية ونظيراتها الأوروبية تصل إلى نسبة 20 في المئة.     

وتقدر المفوضية أن العلامات التجارية الصينية، مثل BYD، Nio، Xpeng، Geely، SAIC، وغيرها، تستحوذ حالياً على 8 في المئة من سوق السيارات الكهربائية الأوروبية، مقابل نسبة 4 في المئة في العام 2021 ، ويُترقب أن تنمو هذه الحصة بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وبالتالي فإن المفوضية قد تلجأ إلى وضع قيود جديدة على وارداتها من السيارات الكهربائية المصنعة في الصين ورفع التعرفة الجمركية، ما قد يؤثر أيضاً على صادرات الشركات الأميركية والأوروبية التي تُصنّع في الصين، مثل تسلا، بي إم دبليو، مرسيدس، فولكس واغن، وغيرها.