الجزائر: موازنة العام 2024
تفوق الــ 100 مليار دولار

12.12.2023
الرئيس تبون
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

الجزائر :الاقتصاد والأعمال

 تستعد الجزائر لإقرار أضخم موازنة منذ الاستقلال سنة 1962. وموازنة العام 2024  طموحة من الناحية الاقتصادية والمالية على اعتبار أنها تتوقع معدلاً للنمو الاقتصادي يصل الى 4.2 في المئة بالإضافة الى ارتفاع محسوس في الواردات والتي من المقرر أن تتخطى  43 مليار دولار أي بزيادة تقدر ب 7,1 في المئة مقارنة بالسنة الماضية.

خيار الموازنة  الطموحة يعبر عن رغبة الرئيس عبد المجيد تبون الاستمرار في نهج المحافظة على التوازنات الاجتماعية والاقتصادية للجزائر في هذه المرحلة التي تتميز ببروز ضغوط تضخمية ناجمة عن عوامل داخلية مرتبطة بالهيكل الاقتصادي وبعوامل خارجية تعود الى ارتفاع أسعار السلع والمواد.

التحليل السابق يظهر في مستوى النفقات التي تنوي السلطات الجزائرية إنفاقها خلال العام المقبل أن من المقرر أن تصل الى أكثر من 15275 مليار دينار أي ما يعادل 113 مليار دولار امريكي.

 هذا الحجم من الانفاق العمومي يفوق ب 16 مليار دولار إنفاق الدولة في السنة الجارية علما أن ميزانية 2023 عرفها الخبراء بانها الأكبر في تاريخ الجزائر وها هي الجزائر تعيد الكرة مرة أخرى وللسنة الثانية على التوالي.

محددات موازنة الجزائر لسنة 2024 لا تختلف عن المحددات التي درجت عليها السياسة العمومية منذ عدة سنوات والمقصود هنا تحديد سعر مرجعي للنفط وهو سعر افتراضي يكون عادة بعيداً عن سعر السوق.

المحدد الثاني الأساسي في موازنة الجزائر حسب المتتبعين هو الاستمرار في السياسة الاجتماعية للدولة عن طريق رصد مبالغ كبيرة لدعم الأسعار بصورة مباشرة بالإضافة الى تدابير جبائية في شكل تحفيزات هدفها الأول هو دعم فئات اجتماعية بصورة غير مباشرة وتمثل هذه النفقات أكثر من 27 في المئة من ميزانية الدولة في السنة المقبلة.

المسألة الثالثة التي تحدد مسار موازنة الجزائر في 2024 هي الانفاق الاستثماري العمومي والذي من المنتظر أن يعرف ارتفاعاً بـ 18 في المئة مقارنة بالسنة الماضية وهذا الارتفاع في الانفاق الاستثماري يعطي الانطباع لدى الأوساط الاقتصادية ان السلطات الجزائرية ماضية في سياستها القائمة على التوسع الاستثماري وأن الدولة تبقى عامل الضبط الأساسي في العملية الاقتصادية وهي القاطرة التي تجر الاقتصاد الوطني.

وكأن الموازنة تحمل في طياتها رسالة  من لدن السلطات الجزائرية مفادها أن الدولة تحدد الإطار القانوني والتشريعي من جهة وفي نفس الوقت تقوم بالاستثمار في البنية التحتية والهياكل القاعدية من جهة أخرى.

الإيرادات والنفقات

هذا التحليل يخص جانب الانفاق العمومي أما اذا نظرنا الى المسألة من جانب الإيرادات فإنه من الواضح أن سياسة التحصيل الجبائي والإصلاحات التي قامت بها الحكومة في السنوات الأخيرة قد بدأت تعطي ثمارها ونسجل وصول الإيرادات الى 9105  مليار دينار أي ما يعادل 68 مليار دولار امريكي منها 26,11 مليار دولار امريكي من الجبائية النفطية التي مازالت حجر الزاوية في الحياة الاقتصادية ولكن من الضروري التأكيد على مسألة أساسية و هي أن الجبائية غير النفطية أي تحصيل الضرائب والرسوم المختلفة تعرف في السنوات الأخيرة ارتفاعاً مستمراً مما يؤكد أن هناك مجهوداً مستمراً لتحسين الإدارة الجبائية.

الأرقام المتوافرة فيما يخص النفقات والإيرادات يتضح أن عجز موازنة 2024 من المنتظر أن يكون مرتفعاً على غرار عجز ميزانية السنة الحالية. العجز المعلن في ميزانية السنة القادمة يقدر بـ 45 مليار دولار امريكي أي ما يمثل 17,4 في المئة من الناتج الداخلي الخام الجزائري وعلى الرغم من ارتفاع حجم العجز فإن العارفين بطرق إعداد الموازنة الجزائرية،  يدركون أن العجز لا يعني أي شيء على اعتبار أن الحسابات تقام على أساس سعر مرجعي للنفط بعيد عن سعر السوق (السعر المعتمد في ميزانية 2024 هو 60 دولار للبرميل في حين أن متوسط سعر النفط الجزائري في الأسواق يقدر بـ 82.61 دولار للبرميل).

صندوق ضبط الايرادات

الفرق بين الإيرادات المعلنة والإيرادات المحصلة يمولها صندوقاً خاصاً يسمى صندوق ضبط الإيرادات وتعتمد الجزائر منذ عدة سنوات في تمويل عجز الموازنة حيث أعلن وزير المالية في معرض حديثه عن موازنة  2024  أن مخصصات الصندوق المذكور تصل الى 1797 مليار دينار وهي كافية لتمويل العجز في الموازنة وأمام هذا النهج فإنه من الضروري أن الحديث عن العجز أو الفائض لا يفيد التحليل بالنسبة للجزائر لان المهم هو القدرة على التمويل و مخصصات صندوق ضبط الإيرادات كافية حتى سنة 2026 على الأقل لتمويل أي عجز محتمل في الموازنات المقبلة.

بقيت الإشارة الى ان موازنة 2024 تدخل في صلب سياسة اقتصادية جزائرية تسعى الى رفع القيود على النشاط الاقتصادي وتحسين مناخ الاعمال والاستثمار. ويظهر هذا المسعى في مجموعة القوانين التي تنوي الحكومة الجزائرية اطلاقها خلال السنة الجديدة .