التجارة العالمية
انتعاش حذر رغم التحديات

28.03.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بعد موجة من التراجعات المتتالية، تُشير توقعات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إلى انتعاش وشيك للتجارة الدولية خلال عام 2024. وتُظهر المؤشرات الاقتصادية العالمية تفاؤلاً بشأن مستقبل التجارة الدولية، مدعومًا بارتفاع الطلب على السلع البيئية، لا سيما السيارات الكهربائية، التي من  المتوقع أن تلعب دورًا حاسما في دفع عجلة النمو.

وشهد عام 2023 انكماشًا في التجارة العالمية بنسبة 3 في المئة، أي ما يعادل تريليون دولار تقريبًا، مقارنةً بالمستوى القياسي البالغ 32 تريليون دولار في عام 2022. وعلى الرغم من الانخفاض، أظهر قطاع الخدمات قدرةً ملحوظةً على الصمود، حيثُ ارتفعت قيمته بواقع 500 مليار دولار، أي بنسبة 8 في المئة، مقارنةً بالعام السابق. في المقابل، انخفضت التجارة في السلع بمقدار 1.3 تريليون دولار، أي بنسبة 5 في المئة، عن عام 2022.

واتّخذ الربع الرابع من عام 2023 مسارًا مختلفًا عن الأرباع السابقة، حيث استقرّت تجارة البضائع والخدمات على أساس ربع سنوي، بينما شهدت البلدان النامية، ولا سيما تلك الموجودة في مناطق أفريقيا وشرق آسيا وجنوب آسيا، نموًا في التجارة خلال هذه الفترة.

وبينما شهدت الاقتصادات الكبرى عمومًا انخفاضًا في تجارة البضائع طوال عام 2023، ظهرت بعض الاستثناءات، مثل الاتحاد الروسي، الذي أظهر تقلبات ملحوظة في إحصاءات التجارة. ومع اقتراب نهاية عام 2023، شهدت التجارة في السلع نموًا في العديد من الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك الصين (+5 في المئة واردات) والهند (+5 في المئة صادرات)، رغم انخفاضها في كل من الاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي.

وأشارت "الأونكتاد" إلى أن عام 2023 شهد تباينًا ملحوظًا في الأداء التجاري بين الدول النامية والدول المتقدمة، حيث واجهت الدول النامية تراجعًا في التجارة بنسبة 4 في المئة تقريبًا، بينما انخفضت التجارة في الدول المتقدمة بنسبة 6 في المئة. وعلى صعيد التجارة بين دول الجنوب (التجارة بين الاقتصادات النامية)، فقد شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة 7 في المئة. ومع ذلك، فقد انعكست هذه الاتجاهات في الربع الأخير من عام 2023، حيث استأنفت الدول النامية والتجارة بين بلدان الجنوب النمو بينما ظلت التجارة في الدول المتقدمة مستقرة.

هذا ولم تتوقف التوترات الجيوسياسية عن التأثير على مسارات التجارة بين الدول.إذ يمكن ملاحظة ذلك من خلال تقليل اعتماد روسيا على الاتحاد الأوروبي في مجال التجارة مع زيادة اعتمادها على الصين. بالإضافة إلى ذلك، انخفض الاعتماد التجاري المتبادل بين الصين والولايات المتحدة بشكل أكبر في عام 2023.

وعلى الصعيد الإقليمي، تميزت التجارة بين الدول الأفريقية بزيادة بنسبة 6 في المئة في عام 2023، عكسًا للاتجاه العالمي.بينما لم تتمكن التجارة البينية في شرق آسيا (-9 في المئة) وأمريكا اللاتينية (-5 في المئة) من الوصول إلى المتوسط العالمي.

أما بالنسبة للقطاعات، فواجهت معظم الصناعات انخفاضًا في القيمة التجارية، مع استثناء بعض القطاعات مثل الأدوية ومعدات النقل (التي شهدت زيادة في الطلب على الطائرات ذات الجسم العريض) والسيارات، التي سجلت نموًا بنسبة 14 في المئة مدفوعًا بشكل أساسي بالطلب على المركبات الكهربائية.

في المقابل، شهدت قطاعات مثل الملابس والكيماويات والمنسوجات انخفاضات كبيرة في عام 2023. ومع ذلك، انتعشت معظم القطاعات في الربع الأخير من عام 2023، باستثناء الملابس، التي تقلصت التجارة بشكل ملحوظ. ومن بين الخدمات، سجّلت الخدمات المتعلقة بالسياحة والسفر أقوى انتعاش، حيث زادت بنسبة 40 في المئة تقريبًا في العام الماضي.

وعن الآفاق المستقبلية، تشير البيانات المتاحة للربع الأول من عام 2024 إلى استمرار التحسن في التجارة العالمية، لا سيما بالنظر إلى اعتدال التضخم العالمي وتحسن توقعات النمو الاقتصادي. كذلك من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الطلب على السلع البيئية، وخاصة السيارات الكهربائية، إلى تعزيز التجارة هذا العام.

كما تُظهر البيانات الأولية للعام الحالي استمرار انتعاش التجارة العالمية وذلك بفضل تراجع التضخم العالمي وتحسن توقعات النمو الاقتصادي. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يُساهم ارتفاع الطلب على السلع الصديقة للبيئة، ولا سيما السيارات الكهربائية، في تنمية التجارة خلال العام الحالي.

ومع ذلك، تبقى التوترات الجيوسياسية واضطرابات سلسلة التوريد عوامل جوهرية تؤثر على توجهات التجارة الثنائية وتتطلب متابعة مستمرة. فالاضطرابات التي تُصيب مسارات الشحن، خاصةً تلك المتعلقة بالمخاطر الأمنية في البحر الأحمر وقناة السويس، بالإضافة إلى التأثيرات المناخية السلبية على مستويات المياه في قناة بنما، تُنذر باحتمالية ارتفاع تكاليف الشحن وإطالة مدة الرحلات وتعطل سلاسل التوريد.