سوليدير:
تقاوم داخلياً
وتتوسع خارجياً

14.05.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

كتب: بهيج أبو غانم

تعمل شركة "سوليدير" ( الشركة اللبنانية لتطوير وإعادة إعمار وسط بيروت) على التكيف مع الظروف الاقتصادية الراهنة في لبنان، سعياً إلى مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والنقدية التي برزت منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

وتواجه "سوليدير" حملة من المتغيرات التي نتجت من الأزمة المالية والوضع الاقتصادي والسياسي غير المستقرّ والتضخم المرتفع وما رافقه من تعدد أسعار الصرف للعملة المحلية وتأثيراتها على احتساب النتائج المالية.

وتجهد الشركة على مدى السنوات الأربع الماضية للتأقلم واعتماد السياسات الواقعية التي تمكنها من الحفاظ على قيمة موجوداتها في انتظار تبدّل الأوضاع وعودة الانفراج إلى الوضع الاقتصادي عامة والوضع العقاري بصورة خاصة.

وإذا كانت الشركة قد تكبّدت صافي خسائر في العام 2022 بلغت 11.1  مليون دولار مُقابل 21.5  مليوناً في العام 2021. فإن النتائج المالية للعام 2023 والتي لم تصدر بعد، يتوقع أن تسجل أرباحاً وربما تكون متواضعة ناتجة من التحسن الجزئي في أوضاعها المحلية ومن الأداء الإيجابي الخارجي من خلال شركة "سوليدير أنترناشونال".

وتعمل الشركة حالياً وامتداداً لعملها في العام 2023 على عدة اتجاهات.

خفض النفقات

إستمرّت الشركة في سياسة تخفيض النفقات العمومية والإدارية خاصة من خلال تقليص النفقات التشغيلية وعصر النفقات. وقد أقدمت الشركة على إلغاء الشركات الخدماتية المكلفة بالتنظيفات وأعمال الصيانة ومهام الحراسة والأمن وعهدت بها إلى شركات خارجية من خلال أسلوب التعميد (Out Sorcimg ) مما أدى إلى صرف الاجراء العاملين في هذا المجال.

وبعد أن كان عدد الموظفين في سوليدير في حدود 1100 موظف عمدت الشركة تدريجاً على صرف العاملين الذي وصل بنهاية العام 2022 إلى 219 أجيراً بالمُقارنة مع 441 أجيراً في نهاية العام 2021. ومن المتوقع استمرار عملية الصرف وعصر النفقات في العام 2023 سيؤدي إلى تقليص عدد الموظفين بنهاية العام المذكور إلى ما نحو  110 موظفين وجلهم من الإدارات العليا والوسطى.

كما جرى تطبيق التعديلات على الرواتب والتقديمات الاجتماعية التي تمّ  إقرارها للإجراء الذين ما زالوا بخدمتها الأمر الذي أدى إلى زيادة المصاريف الإدارية التي وصلت إلى 40.7 مليون دولار العام 2022.

ولا شك في أن مضي الشركة في عصر نفقاتها الإدارية والتشغيلية يأتي نتيجة للمتغيرات التي طرأت على طبيعة عملها والناتجة من التبدل الذي طرأ على مُعطيات القطاع العقاري ومن  أجل مراعاة الحركة الإستثمارية لاسيما منذ نشوء الأزمة الاقتصادية وما تلاها من تداعيات انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام 2020.

نكسات متتالية

غير أن سياسة الشركة في عصر نفقاتها لم يكنْ سوى نتيجة طبيعية للنكسات المتتالية التي تعرّضت لها منطقة وسط بيروت فمنذ اندلاع أحداث  71 تشرين الأول من العام 2019 كانت منطقة الوسط مسرحاً لاعتصامات ومظاهرات متتالية رافقتها أعمال شغف وتخريب ألحقت أضراراً بالغة بالمنشآت والممتلكات. ثم جاءت جائحة "كوفيد 19"  التي زادت الطين بلة إلى أن كان الانفجار المشؤوم لمرفأ بيروت الذي ألحق أضراراً بالغة بالوسط التجاري برمته. وبذلك تحوّل الوسط إلى مدينة أشباح كادت أن تخلو من أيّ مظهر من مظاهر الحياة والنشاط فأقفلت المحلات وهجرت المؤسسات ومع ذلك استمرّت الشركة تواجه التحديات المتعاظمة وتسعى إلى معالجة مشاكلها بمرونة وحكمة.

ومع ذلك لم تنعدم ايرادات بيع الأراضي فبلغت  العام 2022 نحو 29.6  مليون دولار بعد أن كانت  العام 2021 نحو 85.2  مليون دولار.

إلا أنه وبعد هذه السنوات العجاف تريثت الشركة في الاستمرار في  بيع الأراضي التي كادت تنعدم في العام 2023 تلافياً للبيع بأسعار محروقة وهرباً من إشكالات سعر صرف العملة المحلية التي خلفت التداول بعملة "اللولار" أيّ مبالغ الشيكات التي تدنت قيمتها إلى حدود  15 في المئة مع تعذر التداول بها. وهكذا لم تشهدْ الشركة  بيوعات تذكر في وقت تعذر البيع بالدولار الـ Fresh.

مداخيل الإيجارات

أما على صعيد مداخيل الإيجارات لدى الشركة فقد سجّلت تحسّناً العام 2022 فبلغت 31.4 مليون دولار على الرغم من استمرار إغلاق معظم المؤسسات التجارية العاملة في وسط بيروت نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي بدأت من 2019 وتفاقمت مع تداعيات "كوفيد 19" وانفجار المرفأ.

ويتوقع أن تحافظ هذه المداخيل على المستوى نفسه مع بعض التعديل بالنظر إلى استمرار الوضع على ما هو العام 2023، علماً أن الشركة اعتمدت سياسة مرنة تجاه المستثمرين من أصحاب المؤسسات حرصاً منها على الاحتفاظ  به.

في المُقابل تابعت الشركة إشغال مشروع المجمع التجاري الكبير ضمن أسواق بيروت التي بدأت أواخر العام 2018 والذي يشكّل علامة معمارية فارقة في الوسط ، وبدأت عمليات الترميم للواجهات الخارجية الذي تضررت بشكل جوهري جرّاء إنفجار مرفأ بيروت حيث يتوقّع إنجاز هذا المشروع في العام 2025.

وفي وقت سابق من هذا العام وتحديداً خلال شهر رمضان المُبارك تعاونت بعض الشركات من بينها "سوليدير" من أجل احياء النشاط خلال أيام العيد فأعيد فتح العديد من المقاهي والمطاعم وعمت الزينة والأضواء معظم أنحاء وسط بيروت. وقد حققت هذه المُبادرة نجاحاً كبيراً لاسيما من خلال اعداد الوافدين الذين  أمّوا الوسط التجاري.

ويعتقد أن نجاح هذه التجربة والتي أعلن أنها ستتكرر خلال فصل الصيف، قد يشكّل حافزاً إضافياً أمام شركة "سوليدر" لتسريع عمليات الترميم الأمر الذي قد يستولد عقود ايجارات جديدة.

زيتونه باي

أما على  صعيد شركة إدارة واستثمار "زيتونه  باي" الكائنة مُقابل فندق "فور سيزونز" والمملوكة مناصفة بين مجموعة "سوليدير" و"مجموعة الصفدي"، فقد حققت تقدماً  ملحوظاً.

وكانت الشركة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت عمدت إلى التفاهم مع المستأجرين على صيغ مرنة من شأنها الاحتفاظ بهذه العقود. فعمدت بدلاً من استيفاء الإيجارات المعقودة سابقاً  الاستعاضة عن ذلك باستيفاء نسبة معينة من إيرادات المحلات تتفاوت بين مؤسسة وأخرى. ولما كان ذلك يتطلب متابعة محاسبية فقد عمدت الشركة إلى الإبقاء على هذه النسبة مع حدّ أدنى للاستيفاء. وذلك تبعاً للتحسّن الذي طرأ على الأوضاع لاسيما خلال العام 2023 الذي شهد موسماً سياحياً ملحوظاً تعطل بصورة شبه كلية مع بدء حرب غزه في تشرين الأول /أكتوبر الماضي.

وأفادت مصادر الشركة أن عقود الـ 20 وحدة استثمارية في "زيتونه باي" قد أصبحت عقوداً عادية اعتباراً من مطلع العام 2024.

سوليدير انترناشونال

إلى ذلك، من المعروف أن شركة "سوليدير" تملك 40 في المئة من شركة "سوليدير انترناشونال" المتواجدة في الخليج وتحديداً في كلّ من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة (امارة عجمان) وهذه الشركة بدأت بتحقيق آداء جيد في ظلّ النمو الذي تشهده المنطقة.

ففي عجمان تمّ إنشاء ملعب للغولف وشيدت حوله مجموعة من الفيللات التي تم تأجيرها بالكامل، وجاري العمل حالياً على بناء مجموعة جديدة من الوحدات السكنية.

وفي السعودية اكتمل مشروع المجمع السكني في الرياض الذي يضم نحو 800 وحدة سكنية تمّ تأجيرها بالكامل. فضلاً عن أن هناك برجا اضافياً ومشاريع أخرى سيتمّ تطويرها.

ولا شك أن هذا الأداء للشركة في الخارج سوف ينعكس ايجابياً على وضعها المالي سواء من حيث تحسين موجوداتها أو من حيث تزايد حصتها (40 في المئة) من الأرباح، الأمر الذي يعزز المركز المالي لـ سوليدير في موازنة العام 2023 والموازنات التي ستلي.

موجودات سوليدير

تتميز شركة "سوليدير" بمتانة وضعها المالي المركز على موجودات عقارية متنوعة ذات قيمة عالية. وإذا كان دور الشركة كمحرك للسوق بسبب الظروف الإستثنائية التي شهدها لبنان فإن الشركة تبقى شركة عقارية بموجودات ممتازة تؤهلها لاستئناف دورها الإنمائي عندما تتبدل الظروف.

ومقومات موجودات الشركة تتمثل في الآتي:

– بلغت المساحات المبينة الصافية المتعددة للبيع أو للتطوير ما مجموعه نحو 1.25  مليون متر مربع لا تقل قيمتها بحسب الأسعار الرائجة والمتوقعة عن ملياري دولار.

– تملك الشركة محفظة من الأملاك المبنية المميزة تشمل الجزء الجنوبي من أسواق بيروت ومجمع صالات السينما وغيره من الأبنية المؤجرة التي تقدّر قيمتها الإجمالية بما لا يقلّ عن مليار دولار.

– تملك الشركة إلى ذلك نحو 40 في المئة من رأس مال شركة سوليدير أنترناشونال ( بي ال سي) ولا تقل قيمتها المقدرة لهذا الاستثمار عن 450 مليون دولار بحسب التقييم العادل.

– كما تملك الشركة محفظة من أسهمها بقيمة دفترية تبلغ نحو 75 مليون دولار وسيولة نقدية كانت مهامه العام 2022 بحدود 62 مليون دولار.

من هنا، يمكن القول أن "سوليدير" تحتفظ بقيمة ممتازة كشركة عقارية مؤهلة للإحتفاظ بقدراتها الإنمائية فور تبدل الظروف الاقتصادية والنقدية ويعود لبنان مركزاً جاذباً للاستثمار والأعمال.

وهذه الموجودات مرشحة للتزايد في مجمل مقوماتها سواء المحفظة العقارية أو محفظة الأملاك المبينة أم لجهة قيمة الشركة الإقليمية التي لديها موجودات في السعودية والامارات ولبنان.

أسهم سوليدير

في ضوء كلّ هذه المُعطيات والوقائع، فإن "سوليدير" التي تزال تحتفظ بموقعها في بورصة بيروت، حيث أن أسهمها لا تزال موضع تداول  يومي. بل أن سهم سوليدير يعتبر السهم الوحيد المتداول بعد أن أدّت الظروف إلى انكفاء أسهم الشركات الأخرى المسجّلة وبخاصة أسهم ستة مصارف هي : عوده، لبنان والمهجر، بيروت، بيبلوس ، اللبناني للتجارة وبيمو.

ويسجّل سهم "سوليدير" مستوى يراوح حول معدل 75 دولاراً للسهم الواحد علماً أنه سجّل الـ 80 مليون في بعض الأوقات إن التداول الذي تراجع بعض الشيء مؤخراً يحتسب من حيث سعره المسجل وفقاً لعمل "اللولار" وإذا أردنا احتسابه بمعدل " الدولار الفريش" فإنه يقدر بحسب السوق بـ 15 في المئة. أيّ أنه فعلياً يراوح بين 10.5 و 11 دولاراً للسهم الواحد وهو ما زال في القيمة نفسها التي كان عليها فيه تشوب الأزمة الاقتصادية.

إلى ذلك، فإن شركة "سوليدير" في مُشاركتها اليومية في التداول تحتفظ بمحفظة لا بأس بها من الأسهم التي إذا رغبت في اطفائها بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء فإن ذلك من شأنه أن يرفع من قيمة السهم الذي يتحسّن كلما نقص عدد الأسهم المُسجلة.

سياسة الشركة المستقبلية

تتمتّع الشركة بسيولة نقدية مرتفعة وصفر دين للمصارف بالإضافة إلى أنها قامت بتخفيض حجم مصاريفها العمومية لتتماشى مع الظروف والأوضاع الإستثنائية التي تمرّ بها البلاد. وتواصل الشركة بذل جهودها الحثيثة في مواجهة التحديات الكبيرة الخارجة عن ارادتها وانعكاساتها السلبية على النشاط الاقتصادي وذلك لتحقيق موضوعها في تطوير منطقة وسط بيروت وفي الحفاظ على حقوق المُساهمين فيها.

وتشكّل مقومات الشركة المتنوعة الركيزة الأساسية لمتانة الشركة مالياً واقتصادياً وتساهم السياسات الحكيمة والمحافظة المتبعة في استمرار الشركة بتأدية دورها المميز في إعادة الحياة التجارية إلى منطقة وسط بيروت لتعود منطقة نموذجية للأعمال والتجارة والسكن والترفيه.

مع الإشارة إلى أن مجلس الوزراء قرر في العام 2005 تمديد مدة الشركة عشر سنوات إضافية تنتهي في شهر أيار من العام 2029، ولا شي يمنع مبدئياً من إجراء تمديد جديد لاسيما أن الشركة لم تتمكّن من تحقيق جميع أهدافها.