"المُنتدى العربي للاستثمار في موزمبيق"
مشاركة واسعة من صانعي القرار
والمُستثمرين العرب والأفارقة

14.08.2024
رئيس جمهورية موزمبيق فيليب ياسنتونياسي
الدكتور سيدي ولد التاه
جيل بيريز، المدير العام لوكالة تشجيع الاستثمار والصادرات (APIEX)
صورة تذكارية للمشاركين
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
سوليكا علاء الدين

نظمت مجموعة "الاقتصاد والأعمال" (24و25 تموز/يوليو الماضي) "المُنتدى العربي للاستثمار في موزمبيق" بالتعاون مع المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا (باديا) وحكومة الموزامبيق ممثلة بوكالة الاستثمار والصادرات (ِAPIEX).

شكّل هذا الحدث الذي افتتحه رئيس جمهورية الموزمبيق "فيليب ياسنتونياسي" ، منصّة حوار مُثمرة، شارك فيها حشد من صانعي القرار والمُستثمرين العرب والأفارقة الأمر الذي فتح آفاقَا واسعة لاستكشاف فرص الاستثمار الواعد في موزمبيق وتطوير الشراكات.

رئيس الجمهورية

إفتتح المنتدى رئيس جمهورية موزمبيق "فيليب ياسنتونياسي" ، الذي أشار إلى أن بلاده تتطلع إلى لعب دور مهم في الاستثمار العربي في السنوات القادمة وإلى تطوير الشراكة الاقتصادية مع البلدان العربية في ظل الفرص التي توفرها موزمبيق في مجالات متعددة لا سيما في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعة والزراعة والسياحة والقطاع اللوجستي.  وشدّد رئيس الجمهورية على متانة الشراكة التي تجمع بين موزمبيق والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، مُسلّطاً الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه المصرف في دعم وتمويل مسيرة التنمية في موزمبيق، والمساعدة على استقطاب رؤوس الأموال العربية.

وأكد الرئيس "ياسنتونياسي" على التزام الحكومة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتنفيذ إصلاحات شاملة تهدف إلى تأمين بيئة اقتصادية ومالية مستقرة ومحفزة للاستثمار عبر تبني سياسات تركز على خفض التضخم وأسعار الفائدة وعجز الموازنة، بالإضافة إلى إصدار منظومة جديدة من القوانين  التي تطال الاستثمار والضريبة والعمل والسعي إلى تحسين بيئة الاستثمار وتبني الشباك الموحد والحد من البيروقراطية في التعاطي مع المستثمرين.  كما أضاف أن المستثمرين يمكنهم الاستفادة من عضوية موزمبيق في اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية واتفاقيات التجارة الحرة مع المزيد من الدول الأخرى ومن المعاملة التفضيلية مع الاتحاد الأوروبي وعدد من بلدان آسيا.

رئيس "اباديا"

من جهته، أعرب رئيس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (باديا)
 د. "سيدي ولد التاه"،  عن سعادته في التواجد في موزمبيق، للمشاركة في منتدى الاستثمار العربي تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية "فيليب ياسنتونياسي"، التي شكلت شهادة على التزامه بأعلى مستوى لجذب المزيد من الاستثمار إلى موزمبيق.

وتوجّه بخالص الشكر والتقدير إلى جميع من ساهم في إنجاح هذا الحدث، بدءاً من  وزير الصناعة والتجارة "سيلفينو أوغستو خوسيه مورينو" و وكالة تعزيز الاستثمار والصادرات "”APIEX وصولًا إلى جميع الشركاء والمساهمين ووسائل الإعلام، داخل موزمبيق وخارجها.  كما أشاد الرئيس  بمشاركة مجتمع الأعمال الموزمبيقي والقطاع الخاص من موزمبيق. وأضاف أن نجاح منتدى الاستثمار في موزمبيق يعتمد على جودة واحترافية إدارة فعاليات المنتدى، مُنوّهًا بالدور الفعال الذي لعبته مجموعة" الاقتصاد والأعمال "في إعداد وتنظيم هذا الحدث.

وأوضح الرئيس أهمية الشراكة مع مصرف التنمية الأفريقي في هذا الحدث، مشيرًا إلى أن ذلك سيساهم في استكشاف فرص استثمارية جديدة في موزمبيق وجذب المزيد من المستثمرين. وذكر أن  التعاون المثمر بين المصرف وجمهورية موزمبيق يعود إلى عام 1975 بعد استقلال موزمبيق. وفي الوقت الذي تحتفل باديا بالذكرى الخمسين لتأسيسها، وتحتفل موزمبيق بالذكرى الذهبية لاستقلالها العام المقبل في عام 2025، لا بد من الإشادة بجودة  التعاون بين المصرف وجمهورية موزمبيق إذ من المتوقع أن يكون هذا التعاون أكثر إنتاجية في السنوات الخمسين القادمة. كما أثنى على جهود حكومة موزمبيق لتحقيقها نموًا اقتصاديًا مستدامًا رغم التحديات التي تواجهها، خاصة مع التوقعات الإيجابية التي سجلتها في عام 2024 والتي تفوق المتوسط القاري والعالمي بأكثر من 5 في المئة.

وأشار د.ولد التاه إلى أن المصرف يركز في استراتيجيته الحالية على أربع ركائز أساسية هي تطوير البنية التحتية، وتنمية القطاع الخاص وسلاسل القيمة الزراعية، وتمويل التجارة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع التركيز بشكل خاص على ريادة الأعمال لدى النساء والشباب. كذلك أكد أن دور المصرف لا يقتصر على تمويل المشاريع مباشرة بل على المساعدة في تحفيز رؤوس الأموال العربية الخاصة على الاستثمار في موزمبيق وإقامة الشراكات مع الحكومة والقطاع الخاص. فقد ساهم المصرف بتمويل دراسة لتحديد فرص الاستثمار الرئيسية في البلاد، تم الافصاح عنها خلال المنتدى والتي ضمت 100 مشروع في قطاعات متنوعة.

جلسات النقاش

هذا وشهد حفل الافتتاح كلمات ترحيبية من وزير الصناعة والتجارة  "سيلفينو أوغوستو خوسيه مورينو" ، إلى جانب مداخلات من وزير الدولة في بلدية مدينة  مابوتو  "فيسنتي جواكيم"،  وممثل القطاع الخاص، رئيس غرفة التجارة في موزمبيق  "ألفارو ماسينجو".

وعلى مدار يومين، منح المنتدى العربي للاستثمار سلسلة غنية من الجلسات النقاشية التفاعلية حيث تم تخصيص  اليوم الأول للبحث في القضايا الاقتصادية، بدءًا بالعوامل المحركة للتنمية وصولاً إلى قطاعات محددة مثل الزراعة والصناعة والبنية التحتية. بينما تطرق اليوم الثاني إلى فرص الاستثمار في قطاعي السياحة والطاقة، إلى جانب عقد حلقتي نقاش حول التمويل والشراكات. كما تم تسليط الضوء على المشاريع التشغيلية وفرص الاستثمار الجانبية في موزمبيق. واختُتم المنتدى بتوجيه كلمات ختامية ألقاها كل من "أغوستينيو فوما"، رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية في موزمبيق، و"مونتيتشو سيدريك"، رئيس قسم تطوير الأعمال ممثلاً لـ"باديا"، بالإضافة إلى وزير الصناعة والتجارة، "سيلفينو مورينو."

البث المباشر 

حقق المؤتمر نجاحًا لافتاً، حيث تمكن من جذب عدد كبير من الحضور والمتابعين من مختلف أنحاء العالم بفضل تقنية البث المباشر، التي ساهمت في توسيع نطاق المشاركة وأتاحت الفرصة للجميع للاستفادة من هذا الحدث الهام. كما دعمت الرعاية الكبيرة التي قدمها المصرف العربي للتنمية في أفريقيا تحقيق هذا النجاح، حيث حرص على تقديم أعلى مستوى من الاهتمام للوفود المشاركة، وذلك بتوجيهات مباشرة من الرئاسة.

النمو في موزمبيق

وتجدر الاشارة إلى أن موزمبيق تُعتبر من أسرع الاقتصادات نموًا في أفريقيا حيث بلغت نسبة النمو فيها أكثر من 5 في المئة في العام 2023، مقارنة مع 4.2 في المئة في العام 2022. وتشير التوقعات الحالية إلى نمو الاقتصاد بنسبة قد تتجاوز 5.2 في المئة خلال العامين الحالي والمقبل نتيجة التحسن الحاصل في أداء قطاعات الطاقة، لاسيما الغاز والتعدين والزراعة والخدمات اللوجستية.

وتتمتع موزمبيق بموقع استراتيجي كمركز لوجستي رئيسي في جنوب القارة الأفريقية ، وتُعد بوابة التجارة الرئيسية للدول المجاورة التي لا تملك منافذ بحرية مثل زيمبابوي وزامبيا ومالاوي وجزء من جنوب أفريقيا. هذا وتملك موزمبيق ثلاث موانئ كبيرة في "مابوتو" و"ناكالا" و"بييرا". وتدير مرفأ "ناكالا" شركة موانئ دبي العالمية. وتسعى الحكومة إلى تطوير شبكة النقل المتعددة الوسائط مثل السكك والمطارات للاستفادة من موقعها الجغرافي كمنفذ تجاري للدول المجاورة.

 طفرة استثمارية

تشهد موزمبيق طفرة استثمارات عربية متنوعة، تشمل شركات عالمية كـ"أدنوك" و"قطر للبترول" وموانئ دبي العالمية، بالإضافة إلى شركات خاصة سعودية ومصرية في قطاعات السياحة والعقار وتوزيع الغاز والمحروقات. إذ أسفر الاهتمام المتزايد من جانب رجال الأعمال بالسوق الموزمبيقية عن تأسيس العديد من المشاريع المشتركة وتوقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية مهمة. كذلك، بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في موزمبيق نحو 3.3 مليار دولار، حيث تم تنفيذ 52 مشروعًا في قطاعات متنوعة مثل الزراعة والتعليم وغيرها. كما عملت الدولتان على تعزيز التعاون الاقتصادي من خلال إبرام اتفاقيات حول التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي على الدخل والتهرب الضريبي.

وتتميز موزمبيق بوجود ثروات طبيعية هائلة تشمل احتياطيات كبيرة من النفط والغاز والذهب واليورانيوم والفحم، بالإضافة إلى إمكانات واعدة في مجال توليد الطاقة المتجددة مما يجعلها دولة ذات إمكانات اقتصادية هائلة ولاعباً مهماً في سوق الطاقة العالمية. وتُعتبر موارد الطاقة في موزمبيق عاملاً حاسماً في تحقيق الأمن الطاقة في المنطقة، حيث تمكًنها من لعب دور محوري في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.

 وفي السنوات الأخيرة، حققت البلاد نجاحاً كبيراً في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجال الطاقة حيث نجحت في جذب استثمارات جمة لتطوير حقل "روفوما" الغازي من قبل شركات عالمية وعربية. فقد أعلنت "أدنوك" عن استحواذها على حصة 10 في المئة في امتياز المنطقة 4 من حوض "روفوما". ويضم امتياز هذه المنطقة "محطة كورال ساوث العائمة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال" ، ومحطتي إنتاج الغاز الطبيعي المسال "كورال نورث العائمة" و"روفوما البرية" المنوي تطويرهما. ويعد مشروع "كورال ساوث" خطوة رائدة في تطوير قطاع الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق، حيث يوفر 3.5 ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال. ومن المتوقع أن يعزز مشروع "كورال نورث" من مكانة موزمبيق كمركز إقليمي لإنتاج الغاز الطبيعي المسال مع توقعات بإنتاجه 3.5 ملايين طن إضافية سنوياً.

 من جهتها، أبرمت شركة "قطر للطاقة "اتفاقية مع شركتي "إيني الإيطالية" و"إكسون موبيل الأمريكية " للحصول على 25.5  و10 في المئة من امتياز الاستكشاف في حوض "إنغوشي البحري".

هذا ويشكل قطاع الغاز الطبيعي المسال دعامة أساسية للاقتصاد الموزمبيقي، حيث ساهمت الاستثمارات الضخمة لشركات الطاقة العالمية في تصنيف موزمبيق كثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم.

      باديا...شريك استثماري 

تعتبر البنية التحتية أحد أركان استراتيجية المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (باديا) لعام 2030، حيث يشمل ذلك الاستثمار في قطاعات النقل، والطاقة، والصناعة، والتنمية الحضرية، مع التركيز على مشاريع كبرى مثل بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، وتطوير شبكات الطاقة، وإنشاء المجمعات الصناعية، وتعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي وذلك من أجل ربط إفريقيا والأفارقة بالعالم بسلاسة،

 وفي إطار دعمه لتطوير البنية التحتية في موزمبيق، قام المصرف بتمويل مشروع توسعة "جامعة إدواردو موندلين"، والذي يهدف إلى دعم قطاع التعدين بالكفاءات الفنية اللازمة لتطويره. ويأتي المشروع ضمن خطة الحكومة لتعزيز نطاق التعليم العالي وتوسعته في البلاد، وهو ما يتضمن توسعة “جامعة إدواردو موندلين” من خلال إنشاء مبنيين لقسم الجيولوجيا، بالإضافة إلى مبنى إداري لكلية العلوم. وقد تم تمويله بميزانية إجمالية بلغت نحو 11.11 مليون دولار أمريكي، بإسهامات من المصرف والحكومة.

 وكان المصرف قد أعلن عن تقديم مبلغ إجمالي قدره 50 مليون دولار لدعم تطوير البنية التحتية الاجتماعية في موزمبيق. بالإضافة إلى قيامه  بتمويل مشاريع عديدة تتعلق بالمياه والصرف الصحي، والأمن الغذائي .

    APIEX...نافذة على الاستثمارات العربية 

تُعدّ وكالة ترويج الاستثمارات والصادرات (APIEX) بمثابة البوابة الرئيسية للمستثمرين في موزمبيق، إذ تُمثل جهة اتصال أساسية داخل البلاد لجميع الأمور المتعلقة بالاستثمار، وهي تخضع لإشراف وزارة الصناعة والتجارة (MIC) وتلعب دورًا محوريًا في تسهيل الاستثمار الخاص والعام، مع التركيز على تعزيز الصادرات الوطنية ومساعدة المستثمرين في مختلف القضايا الإدارية والمالية والعقارية. تقدم الوكالة حوافز استثمارية مميزة للمستثمرين بما في ذلك إعفاءات من بعض الرسوم الجمركية ورسوم ضريبة القيمة المضافة (VAT) عند استيراد معدات من الفئة “K” المرتبطة بالاستثمارات الرأسمالية.

تُدرك الوكالة أهمية الاستثمارات العربية في دفع عجلة التنمية في موزمبيق ، ولذلك تسعى لتجاوز دورها التقليدي كوكالة ترويج للاستثمار الداخلي، مُتطلعة أن تُصبح منصة جاذبة للاستثمارات العربية في القارة الأفريقية والجسر السر الذي يربط بين المستثمرين العرب والفرص الاستثمارية الواعدة في موزمبيق.  وتعمل على تحقيق ذلك من خلال توسيع شبكة علاقاتها ونطاق عملها ليشمل الأسواق العربية وتقديم حوافز استثمارية، وتنظيم العديد من الفعاليات الاقتصادية. وبهذا، ترسخ الوكالة مكانتها كمدخل أساسي للاستثمارات العربية المتوجهة نحو أفريقيا تحديدًا موزمبيق.     

الحكم والاستثمار

تتميز موزمبيق- الجمهورية الأفريقية الواعدة- ببيئة آمنة ونظيفة ومنظمة، وذلك بفضل نظام حكومي فعال استطاع وضع معايير ونظم عالية المستوى. ومن المقرر أن تشهد البلاد في شهر تشرين الأول/أكتوبر انتخابات رئاسية وتشريعية من شأنها أن تشكل لحظة فارقة في مسارها الاقتصادي، حيث ستتضح معالم سياستها المستقبلية تجاه الانفتاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات. وبالرغم من الجاذبية الاستثمارية التي تتمتع بها الموزمبيق، تسود حالة من الحذر والترقب  لدى المستثمرين بانتظار نتائج الانتخابات ومعرفة مدى تأثيرها على مستقبل الاستثمار وقدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.