جورج قرم
الغائب المستمر

17.08.2024
جورج قرم
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

بغياب جورج قرم خسر لبنان والعالم العربي واحد من الكبار الكبار. كبير في ثقافته وفي مواقفه وفي صدقيته مع نفسه ومع الآخرين. جورج قرم نسيج وحده لا أحد يشبهه. عرفناه مع بداية صدور مجلة "الاقتصاد والأعمال" أواخر السبعينات، وأصبح أحد أبرز الكتّاب فيها إلى جانب أستاذه دولة الرئيس الدكتور سليم الحص (أطال الله في عمره). ولم يكن مجرد كاتب في مجلة بل جزءًا من بنيتها الفكرية. ومنذ بدايته كانت له مواقف متميزة، يسارية تقدمية وذو فكر منفتح ومتجدد. لم يتوقف يومًا عن الكتابة والتأليف والنشر. كانت المعرفة له بمثابة الماء والغذاء. وعندما جاء به الرئيس الحص وزيرًا للمالية، لثقته بكفاءته ونزاهته كان يبحث عن شخص يشبهه، إلا أن جورج قرم وجد نفسه في غابة الدولة والإدارة، وأصيب بالإحباط. فهو رجل فكر وثقافة، لا رجل سياسات ومساومات. ولولا وقوف شلة من الأصدقاء وفي طليعتهم صديقنا المشترك روبير سرسق إلى جانبه لما أكمل رحلة وزارة المال.

جورج قرم كان عنيدًا لا يساوم على قناعاته فلا مصالح له ولا مطامح مادية لكن المالية غابة مصالح لأفراد حاكمين ومتحكمين ولكبار رجال الأعمال من مصرفيين وتجار وصناعيين ومقاولين ممن يهيمنون على السياسات وعلى القرارات. وكان الفساد ولا يزال أكبر بكثير من المصلحين أمثال فؤاد شهاب وسليم الحص وجورج قرم وجورج افرام وعادل حمية وفؤاد نجار وغيرهم الكثير من نظيفي الكف والكفاءة.

يرحل جورج قرم وهو لا يملك إلا شقة متواضعة في بيروت، عاش فيها طيلة حياته لكن جورج ترك إرثًا فكريًا وثقافيًا نهل منه أجيال وأجيال من الجامعيين وطالبي المعرفة. ليس بالضرورة أن تكون متوافقًا مع جورج قرم في أفكاره وقناعاته، لكنك بالتأكيد لا تستطيع إلا أن تكون معه في نظافته وصدقيته.

وداعًا أيها الصديق العزيز. عزاؤنا للسيدة هالة ولكل أفراد العائلة. وتحية وداع كبيرة من أسرة مجموعة الاقتصاد والأعمال التي أحببتها وأحبتك.

رؤوف ابو زكي