ولاية جديدة للرئيس التونسي
وسط تحديات اقتصادية وسياسية

08.10.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

تونس : الاقتصاد والأعمال

 يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد المنتخب لولاية ثانية تحديات معقدة ومتعددة على اعتبار أنها مترابطة وتستلزم اتخاذ قرارات شجاعة ومؤلمة. قرارات تؤخرها طبيعة المشهد السياسي التونسي المتميز بالتشتت وعدم بروز قوى قادرة على الاقناع بضرورة مسار إصلاحي شامل.

على المستوى السياسي فإن قراءة نتائج الانتخابات الرئاسية توضح بجلاء عمق الازمة السياسية في تونس. ففوز الرئيس قيس بولاية جديدة جاء بعد حملة انتخابات رئاسية اقل ما يقال عنها أنها لم تشهد اقبالا جماهيرياً كبيراً.

 وهنا من الضروري الإشارة الى أن 27.7 في المائة فقط من الناخبين توجهوا الى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات الرئاسية وهي اضعف نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية منذ 2011 عقب هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

 و من زاوية أخرى فأن 72.3 في المئة من الشعب التونسي اختار العزوف عن الذهاب الى الانتخابات مما يشكل في جوهر الامر رسالة واضحة للرئيس قيس سعيد الذي تحصل على نحو 89 في المئة من الأصوات المعبر عنها. 

وهذه النسبة تجعل المسؤولية كبيرة على الرئيس سعيد في إيجاد صيغة سياسية واقتصادية واجتماعية تمكن تونس من الخروج من ازمتها السياسية والاقتصادية المستمرة منذ 2011. وهامش المناورة لدى الرئيس المنتخب ضيق جدا سياسيا واقتصاديا.

فأمام الرئيس المعاد انتخابه وضع اقتصادي معقد ومتأزم يتميز بتراجع حاد للنمو الاقتصادي الى درجة ان البعض يرى ان الاقتصاد التونسي دخل مرحلة الكساد بكل ما يعني  ذلك من مشاكل في التمويل والتموين.

على مستوى التموين  أن تونس تواجه موجة جفاف غير مسبوقة نجم عنها شح كبير في المياه طال المدن الكبرى. ازمة الجفاف في تونس أدت الى تراجع انتاج الحبوب المادة الأساسية في النموذج الاستهلاكي، تراجع وصل الى 80 في المئة وهي نسبة مرتفعة جدا توحي أن أمام السلطات التونسية في مواجهة ازمة تموين حقيقية في الأشهر القادمة.

في ما يتعلق بالتمويل فإن مؤشرات ميزان المدفوعات في تونس قد يسبب ارقا مستمراً للرئيس التونسي حيث إن خدمة الدين الخارجي التونسي وصل الى 2 مليار دولار امريكي في 2023 و من الممكن ان يصل الى حوالي 4 مليار دولار في 2024.

ازمة التمويل الخارجي زادت حدتها بعد الخلاف الكبير الذي صاحب المفاوضات بين السلطات التونسية وصندوق النقد الدولي. فقد تم التوصل الى اتفاق بين الطرفين يقضي بمنح تونس قرض بمليار و750 مليون دولار مقابل قيام تونس بإصلاحات عميقة. غير أن الرئيس التونسي رفض القيام بحزمة الإصلاحات المتفق عليها نظرا لتكلفتها المرتفعة اجتماعيا. فقد كانت حزمة الإصلاحات تقتضي برفع الدعم عن الأسعار وتقليص العمالة في العديد من الشركات العمومية وتغيير في قواعد التسيير المرتبطة بهذه الشركات خاصة في علاقتها القانونية والإدارية مع الدولة.  

 وما يزيد من التحديات هو ان الاقتصاد التونسي فقد كثيرا من جاذيته حيث تراجعت نسبة الاستثمار من 25 في المئة من الناتج الداخلي الخام الى اقل من 10 في المئة ونفس الشيء بالنسبة للاستثمارات الخارجية والتي انخفضت الى 0.8 في المئة من الناتج الداخلي بعد أن كان يفوق 2 في المئة من الناتج الداخلي التونسي.

 ورغم المجهودات  الكبيرة التي بذلتها السلطات التونسية على المستوى الدبلوماسي لطلب المساعدة من الدول الصديقة والشقيقة فإن ما تحصلت عليه تونس لا يكفي لمواجهة ازمة التمويل. فقد منحت المملكة العربية السعودية مساعدة مالية ب 500 مليون دولار و200 مليون دولار من الجزائر التي كانت قد منحت هبات وقروض حسنة في عهد الرئيس الراحل باجي قائد السبسي.

في نهاية الامر فإن ولاية الرئيس الجديدة هي عهدة الرهانات الكبرى وعلى الرئيس المنتخب بمشاركة انتخابية ضعيفة، البحث عن تحالفات سياسية واسعة الهدف منها الاتفاق على الإصلاحات والبحث عن مصادر تمويل جديدة لتجاوز ازمة خدمة المديونية. وبالإضافة الى ذلك امام الرئيس حل قضية المياه بصورة هيكلية والاعتماد على المزايا المقارنة التي يتوفر عليها الاقتصاد التونسي والمتمثلة في قطاع السياحة و الذي مازال القطاع الاكثر حيوية في الاقتصاد التونسي و الذي يوفر العملة الصعبة التي تمكن تونس من التماسك.