​ سندات لبنان السيادية
تحاكي "اليوم التالي" للحرب

21.10.2024
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

يطرح الاقبال الخارجي على حيازة سندات الدين الدولية المصدرة من الحكومة اللبنانية، الكثير من التكهنات في الاوساط المالية والمصرفية المحلية التي ترصد باهتمام بالغ مصادر الطلب الاستثماري وطبيعة العوامل المحفزّة التي رفعت اسعار "اليوروبوندز" ،  بما يقارب 50 في المئة خلال ثلاثة اسابيع فقط، من مستواها الأدنى البالغ نحو 6 سنت الى 9 سنت لكل دولار.

واكتسبت هذه المعطيات المفاجئة اهتماما استثنائيا لدى كبار المسؤولين في القطاع المالي وخارجه، بفعل تزامنها مع احتدام العمليات الحربية على الحدود الجنوبية وتوسعها المشهود الى مناطق داخلية واسعة في لبنان مع ما يرافقها من احداث جسيمة واغتيالات نوعية، مما يخرجها من اطارها السوقي الضيق الى ربطها بترقبات التغييرات البنيوية التي يتوقع المستثمرون ان يشهدها لبنان في "اليوم التالي" لانتهاء الحرب.

وبالفعل، يجري رصد انتعاش الاصداء "الطيبة"  لدى صانعي القرار في الأسواق الخارجية للابقاء على قنوات التواصل مع القطاع المالي اللبناني والاستيضاح عن سنداته الخاصة والعامة، رغم الاحتمال المتقدم لادراج لبنان من قبل مجموعة العمل المالي الدولية ( فاتف)، ضمن القائمة الرمادية للدول التي تعاني قصورا في مكافحة تبييض الأموال.

وبالتماهي مع هذه الوقائع ، يمكن ان يتحول التقييم الاستثماري الى انتعاش الترقبات بمعالجة اشكالية التخلف عن سداد السندات السيادية وفتح قنوات تفاوض مباشرة وجديّة مع الدائنين، وربطا بما قد تفضي اليه التطورات الحالية في المرحلة اللاحقة، وضمنها امكانية التموضع على مسار معاكس للنتائج الكارثية التي تنتجها الحرب، ويصل الى حد محاكاة "طموحات" مراكز بحثية بارساء قواعد واعدة لاستقرار الاقتصاد واستعادة مسار النمو الايجابي للناتج المحلي ومعززا بتوقع تدفق مساعدات مالية وعينية تشمل دعم القوى الأمنية والعسكرية.

ومن المؤكد، وفقا لمسؤول مصرفي، ان الحصانة القوية التي حققتها السياسات النقدية الجديدة المعتمدة من قبل قيادة البنك المركزي برئاسة الحاكم بالانابة وسيم منصوري، ساهمت بترجيح كفة هذه الترقبات، ولو مؤقتا ريثما يتم تجسيدها ، ولا سيما بعد ثبوت نجاعة هذه السياسات في الادارة المحكمة للسيولة وحماية الاستقرار النقدي وعزله عن ضغوط يوميات الحرب، وتعزيز الاحتياطيات بالعملات الاجنبية رغم الانكماش الحاد للتدفقات الواردة من قطاع السياحة.

ويلاحظ المسؤول المعني، ان الاهتمام المتزايد بمتابعة السندات السيادية اللبنانية، وبما يشمل عمليات شراء في الأسواق الخارجية، يرد خصوصا من قبل بنوك وشركات استثمارية عالمية وبينها الأميركية. كما يتلقى مسؤولون كبار ومديرون معنيّون في العديد من المصادر المحلية استفسارات طارئة من نظرائهم في بنوك مراسلة بشأن تقييمهم لاعادة الهيكلة الحكومية لهذه المحفظة من الدين العام ولمستويات السداد المحتملة للأصول والفوائد المتراكمة في المرحلة اللاحقة.

وقد يعكس النمط الحالي للطلب على السندات السيادية، وبما يعاكس الأجواء السارية الموصوفة حكما بالطاردة للاستثمار، تحولات في الجاذبية الاستثمارية لهذه الكتلة "المعلّقة" من الدين العام والبالغة اصولها نحو 31 مليار دولاروفوائد غير مسددة تعدّت 10 مليارات دولار،رغم محدودية الارتفاع المحقق في سقوف اسعار التداول الى نحو 10 في المائة فقط من القيمة الاسمية للاصدار.

ويرى، ان استمرار التحسن المحقّق ومدى ثباته، يمكن ان يطلق اشارة، ولو ضعيفة حتى الساعة، لفتح "كوة" في الجدار الذي يحول دون عودة لبنان الى ردهات الأسواق المالية الدولية بعد انتهاء الحرب واعادة الانتظام الى المؤسسات الدستورية، بعدما تعمّدت منظومة الحكم والحكومة اخراجه منه بقرار ملتبس في ربيع  العام 2020، قضى بالامتناع عن دفع موجبات اصول وفوائد شريحة مستحقة، والاطاحة عمدا باي خيارات بديلة لاجراء عمليات مبادلة (سواب) او التفاوض المسبق مع الدائنين لاعادة برمجة الاستحقاقات التي كانت موزعة اساسا لغاية العام 2037.

كما يشير الى اهمية العامل التقني لتحفيز الطلب، مع ترقب المستثمرين لاحتمال اقدام مجموعات من كبار حاملي السندات اللبنانية على رفع دعاوى قضائية في الربيع المقبل لدى محاكم نيويورك وفق مندرجات العقود المبرمة في عمليات الاصدارات، بذريعة انتهاء المهلة الزمنية لسداد الفوائد المعلقة والمحددة لخمس سنوات بعد تاريخ الافصاح الرسمي بالتوقف عن الدفع.