التكنولوجيا تجاوزت حدود الخيال

12.11.2024
نضال ابو لطيف
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email

حاوره إياد ديراني

مع تولّيه دفة قيادة التحوّل والإيرادات في شركة "تكنوليدج" مؤخرا، يستكمل نضال أبو لطيف مسيرته التاريخية في عالم التكنولوجيا من أوسع الأبواب، إذ أن نشاطات هذه الشركة العالمية التي تشمل حلول التكنولوجيا والتدريب ورفع المهارات والاستشارات والخدمات المُدارة في عالم التكنولوجيا، تشكل ما يشبه روح العصر الرقمي. وربما تجسّد هذه الانطلاقة الجديدة لـ أبو لطيف مواصلة ً لرحلة واحدة بدأها قبل عقود مع شركات عالمية منذ وزن AT&T وNCR وبعدهما Avaya.

الاقتصاد والأعمال التقت أبو لطيف وحاورته في مجموعة قضايا شملت الذكاء الاصطناعي ورحلة التحوّل الرقمي في المنطقة العربية، وأهمية التدريب ورفع القدرات والمهارات في خضم الثورة الصناعية الرابعة التي نعيش فصولها اليوم.    

يستهل أبو لطيف اللقاء بالقول: "نحن في مرحلة تاريخية تلامس فيها التكنولوجيا ما يشبه المستحيل. ببساطة، تخيّل معي عالمنا الذي تجاوزت فيه التكنولوجيا حدود الخيال، لتحقق ما كنّا نصفه في الماضي بالـ "المعجزة". اليوم يُطلق الذكاء الاصطناعي موجات متلاحقة من الابتكارات وبالكاد تتمكن الأسواق العالمية من مواكبتها. لكنني على ثقة من أن قصة الذكاء الاصطناعي التي تتطوّر فصولها الدرامية بسرعة، على وشك إذهال العالم مجددا، ووضعنا جميعا على واحدة من أهم المفترقات التاريخية للحضارة الإنسانية. وما نعيشه اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تطورات عادية، نحن أمام أحداث كُبرى ستدرّس في كتب التاريخ".  

فرص تاريخية للعالم العربي

وحول انعكاس هذه التطورات على الأسواق العالمية عموما والعربية خصوصا؟ يقول أبو لطيف: "الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل القطاعات الاقتصادية كلّها، لا بل يعيد تشكيل حياتنا اليومية بأدق تفاصيلها. أعتقد أننا أمام ازدهار كبير للدول والشركات التي تتبنّى رحلة التحوّل الرقمي المحميّة بأنظمة سيبرانية قوية، مع خدمات سحابية بلا حدود وتجربة عملاء متقدمة وبرامج تدريب ورفع مهارات. ولا أبالغ إذا قلت إن تجربة العملاء ستتحوّل إلى رحلات سلسة قابلة للتنبؤ، تحقق رضا المستخدمين بشكل لم نتخيّله، وتمكّن الشركات من استباق الطلب في الأسواق وإعادة تعريف قواعد العرض والطلب. وسيكون التدريب كما رفع المهارات على مستويي الأوطان والشركات النجم الساطع الذي ستهتدي به مسيرتنا للبقاء في طليعة التطوّر التكنولوجي".

ويقول: "ستنعكس كل هذه التطورات على الجوانب المالية في الشركات والدول بالتأكيد، إذ إن المستقبل يفتح فضاءات واسعة من مصادر الدخل الجديدة والمُبتكرة، وكفاءات غير مسبوقة، ونمو مستدام. اليوم نحن لا نحقق التكيّف في رحلتنا الرقمية مع الذكاء الاصطناعي، بل نحن في صدارة حقبة تكنولوجية جديدة، وسنترك بصمة مشرقة لأجيال المستقبل. وبسبب هذه التغيرات، ثمة دول قد تتقدم مستقبلا للعب أدوار جديدة ودول أخرى قد تعيد النظر بدورها وهويتها الاقتصادية". 

التدريب ثم التدريب

ويضيف أبو لطيف: "تقف البلدان العربية التي استعدت واستثمرت في رحلة التحوّل التكنولوجي على "الحافة" الأمامية للتاريخ، متهيأة لمستقبل تقوده ثورة رقمية كبرى، ويتقدم فيه الذكاء الاصطناعي كأحد أبرز المحركات التكنولوجية التي تتجاوز حدود البرمجة لتُحاكي ما يشبه القدرات الذهنية البشرية مثل التفكير، التعلّم واتخاذ القرارات". 

لكن أين دور الإنسان وسط هذا كلّه؟ يجيب أبو لطيف على هذا السؤال قائلا: "التطور الإنساني الحضاري، الذي بدأ بتمكين الدول من تحقيق قفزة نوعية في الزراعة والصناعة والنقل، وبثورات صناعية متتالية، لا يمكن أن ينجح ويستمر من دون مشاركة فعّالة للإنسان وتفاعل اجتماعي شامل مع التطوّر. وهنا، يكمن دورنا في "تكنوليدج" لأننا ندعم فرق العمل والأفراد من خلال التدريب ورفع المهارات والقدرات. وهذ مفيد جدا، أولا لجعل التحوّل الرقمي أقرب إلى الواقع، وثانيا لأنه يتيح الفرصة أمام الحكومات والمؤسسات ومورّدي الحلول التكنولوجية للحصول على حلول رقمية شاملة ومتقدمة لتطوير أعمالها ونشاطاتها".  

ويضيف أبو لطيف: "نحن في خضم مرحلة غير مسبوقة تتطلّب في البلدان العربية النظر إلى المستقبل من منظور جديد، وفهما عميقا للتغيّرات المتسارعة ومواكبة دقيقة إذا لم نقل لحظية، خاصة في ما يتعلق بتمكين الأفراد من لعب دور فعّال في التنمية المستدامة. في الواقع، يُظهر تاريخ الأمم أن الشعوب التي تواكب التطور التكنولوجي بشكل آني، غالبا ما تنال المكانة والتأثير وحتى الموقع والدور على خارطة النفوذ العالمية".

نحو تعزيز

التنافسية الوطنية

ويتابع موضحا أهمية التدريب خلال رحلة التحوّل الرقمي وتبنّي الذكاء الاصطناعي وسواها من موجات التطور الرقمي الجديدة: "التدريب محور رئيسي في العالم العربي تماما كما هو على المستوى العالمي، وهو لا يلعب دورا مفصليا على صعيد المشاريع التنموية فحسب، بل يشكل خطوة لا غنى عنها في مسار الدول التي تخوض رحلة التحوّل الرقمي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية من جهة والرخاء الاجتماعي من جهة أخرى. لا يمكن فصل مساعي التنمية وتحسين حياة الناس عن جهود رفع مهارات الموظفين، تماما كما لا يمكن فصل التحوّل الرقمي عن التدريب، إنها حلقة متصلة ببعضها ولا يمكن تحقيق قسم منها من دون تحقيق سائر الأقسام. النهوض الوطني هو مشروع واحد متكامل يستند إلى مجموعة من الجهود المترابطة، وفي عصر التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي لا يمكننا التغاضي ولو للحظة واحدة عن أهمية التدريب وتعزيز قدرات الأفراد وفرق العمل".  

ويختم قائلا: "مساعي التحوّل الرقمي الوطنية كما تبنّي الذكاء الاصطناعي وتعزيز القدرات والمهارات وتوفير تجارب استخدام أكثر سهولة وفائدة للعملاء ليست مجرد اتجاه عالمي عادي، بل قرار سيادي ومشروع استراتيجي وطني بامتياز. إذ أن تعزيز التنافسية لأي بلد في العالم هو ممر إلزامي لاحتلال أي دولة موقع متقدم على خارطة القوى العالمية. ومن هنا نفهم جيدا لماذا يعدّ التدريب جزءا رئيسيا من استراتيجيات الدول، وكيف تنخرط فيه المؤسسات الحكومية وقوى القطاع الخاص، ولماذا تركز كلّها على المهارات البشرية التي تُعدّ الركيزة الأولى للنمو والتطور في أي بلد في العالم".