تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بعيدها الوطني الـ 53 على وقع تطورات حافلة بدءاً من النمو السريع الذّي تحققه ولاسيما في القطاعات غير النفطية، مروراً بجاذبيتها المتنامية للمستثمرين العالميين وريادتها السياحية واللوجيستية، وصولاً إلى الجهود الكبيرة التّي تقوم بها لبناء موقع مؤثر لها على خارطة اقتصاد التكنولوجيا في العالم عبر الاستثمارات الضخمة في منظومة الذّكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وصناعة الرقائق الالكترونية (Chips) وغيرها.
تقود الإمارات الجهود الرّامية للانتقال إلى ما تسميه مرحلة ما بعد النفط، أي المرحلة التّي ينمو فيه الاقتصاد بفعل القطاعات غير النفطية اكثر منه من مساهمة النفط، وهي قطعت شوطاً بعيداً في هذا المضمار ليتعدى نمو الاقتصاد غير النفطي فيها معدل نمو الناتج المحلي بمقدار لا يستهان به، وأصبح لديها قطاعات ذات قدر عال من التنافسية على المستوى العالمي، مثل السياحة والخدمات اللوجيستية والنّقل البحري والجوي وقطاع الخدمات المالية والطاقة البديلة والشّركات الناشئة.
أصبحت الإمارات مركز استقطاب عالمي للشركات الناشئة ولرواد الأعمال الذّين يتوافدون من أنحاء العالم للاستفادة من المنظومة المتطورة لريادة الأعمال من حاضنات ومسرعات وصناديق رأس المال الجريء ومستثمرين ودعم حكومي وغيره. وتلعب الشركات الناشئة دوراً يتعدى حجمها والاموال المستثمرة فيها، اذ إنها مصدر الابتكارات والقيادات الجديدة التي تشكل اقتصاد المستقبل.
كما إن الإمارات هي من الدّول المتقدمة في المنطقة والعالم في استقطاب الاستثمار الأجنبي، ولديها طموحات كبيرة في هذا المجال وفق الاستراتيجية الجديدة التّي تم الإفصاح عنها أخيراً، وهي تملك بنية استثمارية متطورة وسياسات اقتصادية مرنة. ولا شك أن اتفاقيات الشراكة الشاملة التي وقعتها الإمارات مع 10 دول حتى الآن ستكون عاملاً حاسماً في زيادة جاذبيتها للاستثمار الأجنبي كما إلى تعزيز مكانتها كمركز تجاري إقليمي وعالمي.
والإمارات هي الآن احدى أكبر أسواق إعادة التصدير في العالم، وهي تُعد بين أكبر عشرة مراكز لوجيستية في العالم مستفيدة من موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط أوروبا وإفريقيا وآسيا ومن موانئها ومطاراتها الضخمة.
وفي غضون عقدين من الزمن تحولت الإمارات إلى وجهة حيوية للمؤسسات المالية والاستثمارية والمكاتب العائلية في المنطقة عبر مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي، واستقطبت المئات من الشركات المتخصصة في إدارة الأصول والثروات وصناديق التحوط وغيرها. وأصبحت تصنف كسابع أكبر مركز عالمي لحجز الأصول في مجال الثروات الخاصة.
وفي العقد الأخير، ركزت الإمارات على الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار كمحركين لاقتصاد المستقبل وخصصت استثمارات كبيرة في الذّكاء الاصطناعي ونجحت في بناء أكثر من نموذج من الذّكاء الاصطناعي التوليدي، كما استثمرت في بناء مراكز ضخمة للبيانات لتمكين قطاع الذّكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وأصبح لديها استثمارات كبيرة حول العالم في شركات الذّكاء الاصطناعي وصناعة الرقائق (Chips) والتطبيقات المتعددة الاستخدام.
وأخيراً وليس آخراً، تُعد الإمارات لاعباً مهماً في الاقتصاد العالمي عبر صناديقها السيادية وشركاتها العالمية، وهي تملك أكبر الصناديق السيادية مثل جهاز أبو ظبي للاستثمار ومبادلة التي تدير استثمارات ضخمة في أنواع الأصول عبر العالم، ولديها ثقل في الاسواق الاستثمارية العالمية وفيها شركات تلعب أدواراً عالمية بارزة في قطاعاتها مثل أدنوك والشركة العالمية القابضة ومجموعة 42 وموانئ دبي العالمية وطيران الإمارات، وهذه الصناديق والشركات هي من كبار المستثمرين عبر العالم في قطاعات أساسية مثل الخدمات اللوجيستية والتكنولوجيا الرقمية والطاقة البديلة وغيرها.
والامارات هي احدى قاطرات النمو لاقتصادات المنطقة والعديد من البلدان النامية بفعل الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها في الداخل والخارج وبفعل المساعدات التنموية التي تقدمها لعدد كبير من البلدان النامية مباشرة ام عبر صندوق ابوظبي للتنمية والصناديق الاقليمية والعالمية الاخرى التي تساهم فيها.
العيد الـ 53 مناسبة استثنائية للاحتفال بهذه الإنجازات وبنموذج النمو والازدهار والاستقرار التي تمثله الامارات ويمكن اعتباره مدخلاً لحقبة جديدة رسم خطوطها العريضة "مشروع تصميم الخمسين عاماً القادمة" الذي اطلقته حكومة الامارات في العام 2020.
الإقتصاد والأعمال