يتوقع تقرير المرصد الاقتصادي للبنان لخريف 2024 بعنوان "تفاقم الأعباء على بلد مأزوم" أن ينكمش النشاط الاقتصادي بنسبة 5.7٪ في عام 2024، أي ما يعادل خسارة قدرها 4.2 مليار دولار أمريكي في الاستهلاك وصافي الصادرات.
ويبحث القسم الخاص من التقرير في تأثير الصراع على الاقتصاد اللبناني من خلال تحليل الصدمات التي لحقت بالاستهلاك وصافي الصادرات، لا سيما صادرات الخدمات من عائدات السياحة، وهي ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد اللبناني، بعد التصعيد الكبير في منتصف أيلول/سبتمبر 2024.
ويبلور سيناريو معاكس للواقع حيث في غياب الصراع كان الناتج المحلي الإجمالي لينمو بنسبة 0.9٪ في عام 2024.
وقال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي معلقاً: "لقد تسبب الصراع بصدمة كبيرة جديدة للاقتصاد اللبناني الذي يعاني أصلاً من أزمة حادة. إنه تذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى إصلاحات شاملة واستثمارات موجهة لتجنب المزيد من التأخير في معالجة أولويات التنمية طويلة الأمد".
وأضاف "فيما يشرع لبنان في وضع خطة للتعافي وإعادة الإعمار لمرحلة ما بعد الصراع، تبرز الأهمية البالغة لاعتماد برنامج للاستقرار الاقتصادي وبرنامج إصلاحات طموح يعزز الحوكمة من أجل اجتذاب التمويل اللازم لوضع البلاد على مسار التعافي المستدام على المدى الطويل".
وخلُص التقرير إلى أن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في لبنان - بما في ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي والتضخم ورصيد المالية العامة والعجز التجاري - تميل بشكل متزايد نحو الهبوط. ويسلط التقرير الضوء على هشاشة استقرار سعر الصرف، القائم منذ أغسطس 2023، والذي يأتي بتكلفة عالية. إذ يعتمد هذا الاستقرار على زيادة تحصيل الإيرادات، وعلى الضبط المالي، والقيود المفروضة على الإنفاق، مما يؤدي إلى فوائض غير منفقة في القطاع العام في وقت يزداد فيه الطلب على الإنفاق والاستثمار الحيويين. ويهدد الصراع هذا الاستقرار الهش حيث أن زيادة الإنفاق ضرورية للحفاظ على الخدمات العامة ودعم جهود التعافي. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الكتلة النقدية المتداولة أو استنزاف الاحتياطيات الأجنبية المتبقية.
ووفقاً للتقرير، من المرجح أن يتدهور وضع المالية العامة في لبنان أكثر بسبب ارتفاع الاحتياجات التمويلية لتأمين الخدمات الأساسية وتلبية الحاجات الملحة، بالإضافة إلى انخفاض محتمل في إيرادات المالية العامة، لا سيما من الضريبة على القيمة المضافة. ومع صعوبة الحصول على التمويل بسبب تخلف لبنان عن سداد الديون السيادية، تبرز أهمية الشروع في إعادة هيكلة الديون الشاملة لاستعادة القدرة على النفاذ إلى الأسواق المالية الدولية لتمكين البلاد من مواجهة تحدياتها المتعددة الأوجه.
ولا يزال تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز الحوكمة، وتحسين أداء الخدمات والمرافق العامة، وتعزيز رأس المال البشري من الأولويات الرئيسية.
كما تُعد الاستثمارات الموجهة ضرورية لدعم الإصلاحات المستدامة، وتسهيل استعادة الخدمات الأساسية، وإعادة بناء مخزون رأس المال المتضرر في لبنان.
ويعتمد التقرير على البيانات المبتكرة والتحليلات السياقية لاستكشاف التحديات الاقتصادية للبلاد. ويستخدم الأضواء الليلية (Night-time Lights) كأداة عالية التردد ومتاحة بسهولة لتحليل النشاط الاقتصادي في لبنان. كما يقيّم القوة الشرائية لشخص يتقاضى أجراً مقوماً بالكامل بالدولار الأمريكي منذ عام 2019، ويقارنها بالقوة الشرائية لصاحب أجر بالليرة اللبنانية خلال الفترة 2019-2024.