يعد ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب مع إسرائيل التي لا تزال خيوطها تعبث بمناطق جنوبية عدة، من بين الملفات المصيرية التي تنتظر تشكيل الحكومة. وفي حديثه عن هذا الملف مع الاقتصاد والأعمال، أمل نقيب المقاولين في لبنان مارون الحلو من الحكومة الجديدة أن تنشئ هيئة لإعادة الإعمار تجمع القطاع العام والخاص، متوقعاً ارتفاع نشاط القطاع الخاص بشكل ملحوظ إذا تم التشكيل ضمن المعايير التي يطرحها الرئيس المكلف وكذلك عودة بعض الشركات إلى لبنان مع إنطلاق حركة الإعمار.
شرح النقيب أن "قطاع المقاولات كان متراجعاً بشكل جذري خلال السنوات الستة الماضية وزاد جموده خلال الحرب أما بعد توقفها وانتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس لتشكيل الحكومة بدأ القطاع الخاص يتحرك بشكل خجول في بعض المناطق في مساكن ومشاريع كانت متوقفة ولكن لا يمكن اعتبارها مشاريع كبيرة ضمن نهضة عمرانية جديدة. أما القطاع العام فلا يزال الجمود مخيماً عليه باستثناء بعض المشاريع الممولة من الخارج والمستمرة بوتيرة بطيئة."
وتوقع أن يرتفع نشاط القطاع الخاص بشكل ملحوظ إذا تشكلت حكومة واعدة ضمن المعايير التي يطرحها الرئيس المكلف وحظيت بدعم الرأي العام بالدرجة الأولى والفئات السياسية في الدرجة الثانية. وبالنسبة للقطاع العام، رأى أن "على الحكومة أن تقرر كيفية تنفيذ إعادة الإعمار وأن تحدد من هي الهيئات المسؤولة: أهي وزارة الأشغال أم مجلس الإنماء والإعمار أم لجنة خاصة مكلفة من قبل مجلس الإنماء والإعمار؟" واعتبر أنه "مطلوب من الحكومة الجديدة أن تنشئ هيئة لإعادة الإعمار يشترك فيها القطاع العام والقطاع الخاص."
وقال الحلو: "أعتقد أن بعض الشركات التي غادرت لبنان ستعيد تركيز نشاطها فيه عند عودة حركة الإعمار إليه"، لافتاً إلى أن هناك شركات كثيرة أقفلت مكاتبها في لبنان في السنوات الماضية وأبقى البعض موظفين له في لبنان دفع لهم من أرباح مشاريعه في الخارج.
"إشراف من قبل المانحين"
أشار الحلو إلى أن نقابة المقاولين تجري لقاءات مع نقابة المهندسين ومع كل الأجهزة المعنية بملف إعادة الإعمار ولكن هذه الاجتماعات تبقى مجرد طرح أفكار ولن تتحول إلى الجو العملي إلا بعد أن تتألف الحكومة وتحدد طريقة إدارة الملف وتؤمن المال المطلوب. وفي هذا السياق، قال: "أتصور أن يستغرق ذلك بعض الوقت لأن المال خارجي بحيث أن لا واردات كافية في الموازنة لتغطية مشاريع الإعمار وبالتالي سيتم التعويل على المساعدات والقروض من الخارج".
واعتبر أن "المساعدة التي سنحصل عليها من دول الخليج أو البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو الصناديق العربية والدولية ستكون لمشاريع محددة. وأتصور أن تكون عملية إعادة الإعمار تحت إشراف الدول المانحة أو جهاز جديد في الداخل يشرف على حسن التنفيذ ونوعية العمل والكلفة الحقيقية تماماً كما يحصل في كافة المناقصات الجدية التي تقوم بها هذه الصناديق وبالتحديد البنك الدولي. وهذه المرة الإشراف سيكون مشدد بشكل كبير".
مناقصات الجنوب والبقاع
تحدث النقيب عن الخطوات التي قامت بها حكومة تصريف الأعمال قائلاً: "كلّف رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لجنة اهتمت بإزالة الركام من المناطق المتضررة وتحديداً في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع وبعلبك. ولمتابعة ملف الركام، تم تكليف اتحاد بلديات المتن الجنوبي في بيروت والضاحية الجنوبية وكذلك مجلس الجنوب في الجنوب وهيئة الإغاثة في البقاع.
عن التلزيم، أشار إلى أنه "لم يجرى تلزيم إزالة ونقل الركام إلا في منطقة بيروت ضمن مناقصة رست على شركة البنيان في سعر متدن. والمقاول يقول إن السعر أقل من الكلفة ويعتبر أنه مساهم في قضية إزالة الركام لأنه من المنطقة."
أما في الجنوب، تابع الحلو أنه "تم تحديد السعر انطلاقاً من ذلك المعتمد في بيروت ولم يتقدم أي مقاول بعد وذلك لأن الوضع في الجنوب مختلف عن بيروت، فلم يتم تنفيذ القرار 1701 بشكل نهائي وتكلفة نقل الركام أعلى نظراً لبعد المسافة. وفي البقاع أيضاً هناك تريث." وفي هذا السياق، لفت إلى أن "المبلغ الذي رصدته حكومة تصريف الأعمال غير كاف لتغطية كل المناطق وأنه غير واضح بعد كيف ستتم إزالة ونقل الركام في البقاع والجنوب."
إعمار سوريا
وبالنسبة لإعمار سوريا، قال: "من المبكر الحديث عن مشاركة المقاول اللبناني في إعادة الإعمار في سوريا بحيث بعض القوانين لا تزال قائمة كقانون قيصر وغيره ولا تزال البلاد في مرحلة تثبيت الأمن".
وأضاف أنه "من باب المشاورات، هناك اتصالات يجريها سوريون مع شركات لبنانية للحديث عن استعدادها للعمل في سوريا. مجرد اتصالات لا أكثر ولا أقل بإنتظار أن يتضح مسار عملية إعادة الإعمار".