الأردن بين التحديات والنمو
آفاق واعدة في 2025

12.02.2025
العاهل الأردني
العاهل الأردني
العاهل الأردني
العاهل الأردني
العاهل الأردني
Twitter icon
Facebook icon
LinkedIn icon
e-mail icon
شارك هذه الصفحة مع آخرين
Print Friendly, PDF & Email
سوليكا علاء الدين

رغم تعقيد المشهد الإقليمي والتحديات التي تفرضها صراعات الشرق الأوسط على مختلف القطاعات الاقتصادية، تمكن الاقتصاد الأردني من تحقيق نتائج إيجابية ملحوظة في العديد من مؤشرات الأداء الاقتصادي. جاء ذلك بفضل السياسات المالية والنقدية الحكيمة، والرؤية الثاقبة التي ساهمت في تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني وتوفير الأسس المتينة التي تضمن استدامة التعافي.

وفقاً لأحدث بيانات دائرة الإحصاءات العامة، حقق اقتصاد المملكة نمواً طفيفاً خلال الربع الثالث من عام 2024، حيث ارتفع معدل النمو إلى 2.6 في المئة مقارنةً بـ 2.4 في المئة في الربع السابق، وسط استمرار التحديات الناتجة عن الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة. وفي سياق متصل، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.4 في المئة بنهاية العام الحالي، مع رفع توقعاته لعام 2025 ليصل النمو إلى 2.9 في المئة.

مرونة رغم التحديات

أظهر تقرير المرصد الاقتصادي للأردن – صيف 2024: القوة وسط الضغوط: مرونة الأردن الاقتصادية الصادر عن البنك الدولي في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قدرة الاقتصاد الأردني على التكيف في عام 2023 وأوائل عام 2024، حيث سجل النمو الاقتصادي معدلاً بلغ 2.4 في المئة، وهو أقل من التوقعات الطموحة نتيجة لتأثيرات الصراع على حركة السياحة، والتجارة، والنقل، والإنشاءات. ومع ذلك يعكس هذا المعدل استقراراً نسبياً في بيئة اقتصادية مضطربة. ولقد ساهم تحسن أداء قطاعات حيوية مثل التصنيع والخدمات بشكل أساسي في دعم هذا النمو. ومع ذلك، فإن البطء في وتيرة الاستثمارات المحلية والأجنبية قد حال دون تحقيق قفزة كبيرة في الأداء الاقتصادي العام.

وبحسب التقرير، لعب قطاع السياحة دوراً محورياً في دعم الاقتصاد الأردني، حيث ارتفعت عائدات السياحة في شهر حزيران/يونيو بنسبة 2.1 في المئة مقارنةً بالعام 2023، لتصل إلى 455.8 مليون دينار أردني (642.9 مليون دولار أمريكي). ومع ذلك، شهد النصف الأول من العام تراجعاً في عائدات السياحة بنسبة 4.9 في المئة، لتصل إلى 2.3 مليار دينار أردني (3.3 مليار دولار أمريكي)، نتيجة لانخفاض أعداد السياح بنسبة 7.9 في المئة.  وكان قطاع السياحة من أكثر القطاعات تأثراً بتداعيات الحرب، حيث انخفضت إيرادات القطاع بنسبة 20 في المئة على أساس سنوي خلال النصف الأول من عام 2024، بسبب تراجع أعداد السياح الوافدين، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية المتزايدة والتوترات الإقليمية المستمرة، وفقاً لبيانات وزارة السياحة الأردنية. كما أشارت تقارير جمعية الفنادق الأردنية إلى تراجع معدلات إشغال الفنادق بنسب تتراوح بين 50 و75 في المئة منذ بداية الحرب، مما ألحق تأثيرات سلبية على العاملين في القطاع.

وتماشياً مع الاتجاهات العالمية، شهد التضخم انخفاضا ملموساً في عام 2023، ومن المتوقع أن يظل تحت السيطرة خلال عام 2024. ويعزى ذلك إلى التأثيرات المستمرة لتشديد السياسة النقدية، بالإضافة إلى الاستقرار النسبي للأسعار العالمية للسلع، على الرغم من بعض التداعيات المؤقتة للصراع في الشرق الأوسط، مثل ارتفاع أسعار النفط العالمية وزيادة تكاليف الشحن نتيجة الاضطرابات في البحر الأحمر. وقد ظل معدل التضخم مستقراً، حيث سجل 1.54 في المئة على أساس سنوي من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

ومن المتوقع أن يستمر ضبط الأوضاع المالية العامة في المرحلة المقبلة، وإن كان بوتيرة طفيفة، مدعوماً بزيادة الإيرادات المحلية نتيجة لتدابير لتعزيز الإيرادات، بالإضافة إلى التخفيف المحتمل للسياسة النقدية. ومن المرجح أن يتقلّص العجز الأولي في المالية العامة خلال عام 2024، ليتحول إلى فائض صغير بحلول عام 2025. كما شهد عجز الموازنة العامة للحكومة المركزية تراجعاً بمقدار 0.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 5.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.

من جهته، تأثر حجم التجارة، لا سيما عبر ميناء العقبة، بشكل ملحوظ جراء اندلاع الصراع في المنطقة، حيث أظهرت المؤشرات تراجعاً في حجم الواردات والصادرات عبر الميناء بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو 2024، على الرغم من حدوث بعض الانتعاش في آذار/ مارس 2024. وفي هذا السياق، اتخذت الحكومة الأردنية خطوة مهمة من خلال تطبيق إعفاء مؤقت من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات على تكاليف الشحن البحري في كانون الثاني/يناير 2024، بهدف التخفيف من تأثير ارتفاع تكاليف الشحن الناجم عن تعطّل حركة التجارة في البحر الأحمر.

ويواجه الأردن تحديات مالية متزايدة في سعيه لتحقيق التوازن بين تمويل الإنفاق وتقليص مستويات الدين، حيث بلغ الدين العام 43.75 مليار دينار أردني بنهاية أيلول/سبتمبر. ورغم ذلك، حافظت الاحتياطيات الأجنبية على استقرارها عند 20.144 مليار دولار أمريكي في تشرين الثاني/نوفمبر، مما يعكس كفاءة إدارة البنك المركزي للتحديات النقدية. كما استمر معدل البطالة في الانخفاض للعام الثاني على التوالي، حيث بلغ 22.0 في المئة في عام 2023 مقابل 22.8 في المئة في العام السابق. ومع ذلك، ظل معدل البطالة مستقراً عند 21.4 في المئة في الربع الأول من عام 2024، دون تغيير عن مستواه في الربع السابق.

صلابة مالية

استناداً إلى أحدث البيانات المتاحة، حافظت الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي على مستويات مرتفعة بلغت 18.8 مليار دولار، ما يعادل تغطية واردات المملكة من السلع والخدمات لمدة 8.2 شهور. كما شهدت الودائع لدى البنوك في نهاية شهر نيسان 2024 زيادة بنحو 1.9 مليار دينار، مسجلة نمواً بنسبة 4.5 في المئة على أساس سنوي، ليصل إجمالي الودائع إلى 44.3 مليار دينار. وفي الوقت نفسه، ارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة بالدينار من قبل البنوك بمقدار 775 مليون دينار، بزيادة سنوية بلغت 2.7 في المئة، ليصل الرصيد القائم للتسهيلات الائتمانية إلى 34.1 مليار دينار. كما استمر هامش سعر الفائدة في الانخفاض ليصل إلى 2.41 في المئة في نهاية نيسان/أبريل 2024، مسجلًا أدنى مستوى له منذ أكثر من ربع قرن. وتؤكد هذه المؤشرات على متانة القطاع المالي، مما يبرز القوة والصلابة التي يتمتع بها الجهاز المصرفي الأردني، كما كان الحال في نهاية عام 2023.

وفي تقريره بشأن التمويل والازدهار، أشار البنك الدولي إلى أن القطاع المالي والمصرفي في الأردن يتمتع بالاستقرار والقوة، ويُظهر قدرة على البقاء بعيداً عن المخاطر المالية، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها هذا القطاع في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما صنّف البنك الدولي الأردن ضمن الدول التي تواجه مخاطر مالية منخفضة إلى معتدلة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، ليحلّ في مرتبة ضمن الـ 35 دولة الأقل عرضة للمخاطر من بين 50 اقتصاداً ناشئاً وناميًا تم دراسة بياناتها المالية.

وبحسب الاحصائيات، بلغت موجودات القطاع المصرفي الأردني نحو 190.8 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا القطاع في الاقتصاد الوطني. هذا ويتمتع القطاع المصرفي الأردني بمؤشرات متانة استثنائية، حيث يمتلك مستويات مرتفعة من رأس المال تعد من الأعلى في المنطقة العربية. ففي نهاية العام 2023، ارتفعت نسبة كفاية رأس المال للقطاع إلى 17.9 في المئة مقارنة بـ 17.3 في المئة في نهاية العام 2022، وهي أعلى من النسبة المحددة من قبل البنك المركزي الأردني البالغة 12 في المئة، وكذلك من النسبة التي وضعتها لجنة بازل والبالغة 10.5 في المئة، في إشارة إلى قدرة القطاع على التحمل والتكيف مع التحديات المالية.

نمو استثماري

أظهرت البيانات الأولية لميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي، ارتفاع في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الثالث من عام 2024، حيث سجلت زيادة بنسبة 3.7 في المئة لتصل إلى 457.8 مليون دولار مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023. ورغم الزيادة المحدودة، حافظت نسبة التدفقات على استقرارها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث استقرت عند 3.2 في المئة، مما يعكس قدرة المملكة على جذب الاستثمارات في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة.

من جهة أخرى، بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة 1.3 مليار دولار، ما يعادل 3.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، مقارنةً بـ 1.6 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2023. ورغم الانخفاض في هذه التدفقات، فقد تجاوزت قيمتها الإجمالية ما تم تسجيله خلال عامي 2021 و2022 بشكل ملموس.

ويتناغم هذا التوجه مع برنامج الحكومة، التي تسعى من خلال رؤية التحديث الاقتصادي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام يساهم في رفع مستوى معيشة المواطنين. ولتحقيق هذا الهدف، تتبنى الحكومة الأردنية مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الاستراتيجية التي تركز على تحسين بيئة الأعمال، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتطوير البنية التحتية بما يتماشى مع التحديات الاقتصادية الراهنة. ومن المتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يعزز استدامة النمو ويسهم في تحقيق التنمية الشاملة.

البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي

تتمحور رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة حول شعار "مستقبل أفضل" وتعتمد على ركيزتين أساسيتين: النمو المتسارع من خلال إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية، والارتقاء بنوعية الحياة لجميع المواطنين، بينما تشكل الاستدامة ركناً أساسياً في هذه الرؤية المستقبلية. وتتوزع أولويات النمو الاقتصادي على خمس محركات نمو رئيسة، تتكامل فيما بينها لتحقيق أهداف الرؤية. وهذه المحركات هي: الصناعات عالية القيمة، والخدمات المستقبلية، والأردن كوجهة عالمية، والريادة والإبداع، بالإضافة إلى الموارد المستدامة.

وتستند خريطة الطريق للفترة 2022 - 2033 إلى تعزيز مساهمة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في النمو الاقتصادي ورفع معدلات فرص العمل، مع التركيز على الاستثمار المطلوب من القطاعين العام والخاص لتحقيق هذا النمو. فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي، يهدف البرنامج إلى زيادة الناتج الحقيقي من 30.2 مليار دينار إلى 58.1 مليار دينار، محققاً زيادة قدرها 27.9 مليار دينار بمعدل نمو سنوي يبلغ 5.6 في المئة. ومن المتوقع أن تسهم القطاعات الرئيسية في هذا النمو، مثل الخدمات المستقبلية التي تُقدر مساهمتها بـ 10.2 مليار دينار، والصناعات عالية القيمة بمقدار 7.6 مليار دينار، والسياحة العالمية التي يُتوقع أن تضيف 1.9 مليار دينار.

أما على صعيد التوظيف، فيتمثّل الطموح في رفع عدد فرص العمل من 1.6 مليون إلى 2.6 مليون فرصة بحلول عام 2033، بما يعكس زيادة سنوية بنسبة 4.2 في المئة. ومن المتوقع أن تكون القطاعات الأساسية التي ستُسهم في خلق هذه الفرص هي الصناعات عالية القيمة (314 ألف وظيفة)، والخدمات المستقبلية (397 ألف وظيفة)، والسياحة العالمية (99 ألف وظيفة).

ويتطلب تحقيق هذه الرؤية الطموحة، جذب استثمارات وتمويلات بقيمة 41 مليار دينار، حيث يُتوقع أن يأتي نحو 72 في المئة من هذه الاستثمارات من خلال الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

تصنيفات ائتمانية إيجابية

يُعد التصنيف الائتماني من المؤشرات الأساسية التي تعكس صلابة الاقتصاد الأردني. وفي هذا السياق، رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية تصنيف الأردن الائتماني على المدى البعيد من (B+) إلى (BB-) استناداً إلى القوة الاقتصادية المستدامة للمملكة وتوقعاتها بنظرة مستقبلية مستقرة. وأوضحت الوكالة أن الاقتصاد الأردني أظهر قدرة كبيرة على التكيف بمرونة مع التحديات المستمرة في المنطقة. كما أضافت الوكالة أن النظرة المستقرة تعكس التوقعات بأن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في الأردن ستظل قادرة على الصمود أمام الضغوط الناتجة عن الصراع الدائر. وتوقعت الوكالة أن يتمكن الأردن من التعامل مع مختلف التطورات الجيوسياسية، بشرط استمرار تدفق المياه وإمدادات الغاز من إسرائيل دون انقطاع.

من جانبها، ولأول مرة منذ 21 عاماً، قامت وكالة "موديز" برفع التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للأردن، من (B1) إلى (Ba3)، مما يعكس تصنيفاُ ائتمانياً متوسطاً مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأشارت الوكالة إلى أن هذا التحسن في التصنيف يعكس الأداء الفعّال للإدارة الاقتصادية والمالية العامة في المملكة، بالإضافة إلى الإجراءات الملموسة التي تم اتخاذها للحد من المخاطر الاقتصادية.

وفيما يتعلق بالمالية العامة، أكدت "موديز" أن المؤشرات المالية للأردن تظهر استقراراً في السنوات القادمة، حيث توقعت الوكالة أن يتراوح عجز الموازنة العامة بين 1.5 و2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2024 و2025، وهو ما يعتبر تحسناً مقارنة بنسبة العجز التي بلغت 2.1 في المئة في عام 2023 و2 في المئة في 2022. كما توقعت وكالة التصنيف الائتماني انخفاضاً كبيراً في دين الحكومة العامة جراء تحسن الإدارة، ليصل إلى 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028، بعد أن كان قرابة 90 في المئة في عام 2023.

رئاسة أردنية

في خطوة تؤكد مكانته الريادية الإقليمية، سيترأس الأردن "مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (منافاتف) لعام 2025، مما يعكس الدور القيادي المتنامي للمملكة. ويعتبر هذا التعيين دليلاً قوياً على التزام الأردن الراسخ بحماية النظام المالي العالمي من تهديدات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز تأثيره في مواجهة هذه التحديات المتزايدة

 ومن المقرر أن تتولى سعادة سامية أبو شريف، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ورئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الأردنية، رئاسة المجموعة لعام 2025. ويُعزز هذا التعيين النهج الاستراتيجي الذي تتبعه اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي يهدف إلى ضمان استمرار تحقيق المملكة لمكتسباتها المتقدمة، خاصةً مع خروجها من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، وهو ما يبرز التقدير الإقليمي والدولي للإنجازات البارزة التي حققتها المملكة في هذا المجال.

وأكد محافظ البنك المركزي الأردني، د. عادل الشركس، على الدور القيادي للمملكة في مكافحة الجرائم المالية، مشيرًا إلى أن الأردن قد حقق تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال وأصبح نموذجًا يُحتذى به على مستوى المنطقة. وأضاف أن هذه الإنجازات تعكس التزام المملكة الثابت بدعم الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتجسد الرؤية الملكية السامية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.

مراتب متقدمة

على صعيد المؤشرات الدولية، أحرز الأردن تقدماً واضحاً في تقرير التنافسية العالمية لعام 2024 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإداري، حيث قفز تصنيفه 6 مراكز ليصل إلى المرتبة 48 عالمياً، مما يضعه ضمن أبرز الدول العربية في هذا المجال.

كما أظهر تقرير سير العمل في الخطة التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025 للربع الأول من العام الحالي تطوراً بارزاً للأردن في عدة مؤشرات دولية لعام 2024. من أبرز هذه المؤشرات، مؤشر "المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2024" الصادر عن البنك الدولي، الي سجل فيه الأردن تحسناً ملحوظاً بارتفاع درجة المؤشر بمقدار 12.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 59.4 في المئة، متفوقاً بذلك على متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي بلغ 54.7 في المئة أخرى.

وفيما يخص مؤشر "مستقبل النمو"، الذي يقيم جودة النمو الاقتصادي عبر أبعاد الابتكار والشمولية والاستدامة والمناعة، أظهر الأردن أداءً متميزاً في بعدي الاستدامة (58 في المئة) والمنعة (55 في المئة)، متفوقاً بذلك على المتوسط العالمي في هذين البعدين، بينما استقر أداؤه في بعد الابتكار وتراجع بشكل طفيف في بعد الشمولية.

وعلى صعيد مؤشر التنمية البشرية، ارتقى ترتيب الأردن أربع مراتب ليحتل المرتبة 99 عالمياً من بين 193 دولة، حيث صنف المؤشر أداء المملكة في التنمية البشرية على أنه مرتفع. كما سجل الأردن تقدماً في مؤشر الأداء البيئي العالمي، حيث ارتقى سبع مراتب ليصل إلى المرتبة 74 عالمياً، محققًا المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث العمل المناخي وانخفاض تلوث الهواء.

2025: نقطة تحول

بينما تواجه المنطقة والعالم تحديات اقتصادية متزايدة، يواصل الأردن التأكيد على عزمه الراسخ لتحقيق نمو مستدام. ويتطلع إلى تجاوز سنوات من الصعوبات الاقتصادية من خلال تبني رؤية طموحة للتحديث الاقتصادي، التي ترسم ملامح مشرقة لمستقبل المملكة. ويعد عام 2025 نقطة تحول حاسمة في هذا المسار، حيث تتضافر الجهود لتسريع الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية. من خلال التركيز على جذب الاستثمارات وتحفيز النمو، يسعى الأردن لتحقيق التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للتنمية، مما يسهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام يعزز رفاهية المواطنين ويؤسس لمستقبل أفضل.