كتبت: هالة ياقوت
تحت شعار: "رؤيتنا، عالمنا، مستقبلنا"، انطلقت فعاليات منتدى التعاون الرقمي والتنمية 2025، بتنظيم مشترك بين اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وجامعة الدول العربية، وبالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة الأردنية، وبمشاركة عدد من الوزراء وكبار الشخصيات العربية والدولية.
وخلال الجلسة الافتتاحية للنسخة الثانية من المنتدى، توجه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في بداية كلمته بالشكر إلى المملكة الأردنية الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، على استضافة منتدى التعاون الرقمي والتنمية. كما توجه بالشكر إلى كل من ساهم في الإعداد لهذا المنتدى وشارك فيه، ليخرج بتلك الصورة المشرفة. خاصةً أن توقيت انعقاد المنتدى يأتي في ظل العديد من التطورات المتلاحقة.
وجاء ذلك بحضور معالي المهندس سامي سميرات، وزير الاقتصاد الرقمي والريادة بالمملكة الأردنية الهاشمية، والدكتورة رولا دشتي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي، بالإضافة إلى ممثلي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا.
وأشار أبو الغيط إلى التحديات الخطيرة التي يشهدها العالم المعاصر- وخاصة المنطقة العربية، موضحاً التطورات والتحديات التي تواجهنا على كافة الأصعدة السياسية والأمنية، ولها انعكاسات على جميع مناحي الحياة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأضاف: " لا يخفى عليكم أن المنطقة العربية تمر اليوم بلحظة ربما تكون الأخطر في تاريخها الحديث.. قضيتنا المركزية – التي تتعلق بها أفئدتنا من المحيط إلى الخليج – تتعرض لخطر التصفية الكاملة.. إنه تحدٍ للعرب جميعاً وليس للفلسطينيين وحدهم.. الفلسطينيون لن يكونوا وحدهم أبداً.. ولن يُسمح بأن يتعرضوا لنكبة ثانية أو أن تُصفى قضيتهم وتُهدر حقوقهم المشروعة."
أقول بعبارة واضحة أن أطروحات التهجير مرفوضة.. مرفوضة عربياً ودولياً.. مرفوضة لأنها مفارقة للواقع، مناقضة للقانون، منبتة الصلة بالأخلاق والإنسانية.. وفي هذا السياق، أعبر عن خالص التقدير والاحترام والدعم لموقف المملكة الأردنية الهاشمية، قيادة وحكومة وشعبًا، في رفضها التام للتهجير ولأي مساس بالحقوق الفلسطينية الثابتة، وعلى رأسها حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من تموز/ يونيو 1967.
إن كل الأطروحات والأفكار التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين.. أو ظلم الفلسطينيين.. لن يكون من شأنها إلا إطالة أمد الصراع وتعميق الكراهية ومفاقمة معاناة الشعوب.. كل الشعوب في المنطقة.
في خضم تحولات عالمية متسارعة على كل الأصعدة.. تتطلع المنطقة العربية إلى اللحاق بركب التنمية وتحقيق التنمية المستدامة بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.. ويمثل التحول الرقمي عنصراً أساسياً وأداة فعالة للوصول إلى التنمية المستدامة... إذ يسهم بصورة واضحة في تعزيز الإنتاجية، وتحسين كفاءة الحكومات والمؤسسات، والتخفيف من حدة البيروقراطية.
وأضاف أنّ بعض الدول العربية نجحت في تحقيق تقدم كبير في التحول الرقمي خلال السنوات الأخيرة، حيث طورت بنيتها التحتية الرقمية، مما مكنها من التفاعل مع التحديات العالمية. وقد تخطت هذه الدول دولًا غربية في مجالات التكنولوجيا والاتصالات حيث نجحت ثلاث دول عربية في حجز مكانها ضمن أفضل 20 دولة وفق مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية للعام 2024... وهناك 5 دول عربية ضمن أفضل 20 دولة وفق مؤشر الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التابع للاتحاد الدولي للاتصالات... و8 دول عربية في تصنيف الفئة الأولى والأعلى عالمياً لمؤشر الأمن السيبراني لعام 2024.
كما أكد أبو الغيط أن التحديات الحالية توفر فرصًا لتعزيز التعاون العربي والعمل المشترك من أجل وضع المنطقة في مكانتها المناسبة. أشار إلى أن التعاون الرقمي يجب أن يتجاوز نقل التكنولوجيا ليشمل نقل المعرفة وتبادل الخبرات وتطوير القدرات البشرية. كما شدد على ضرورة زيادة الاستثمار في البحث والتطوير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث يعكس المشهد ضعفًا في الإنفاق. وأضاف أن هذا الاستثمار سيساهم في جذب الاستثمارات الخارجية والداخلية، ويساعد المنطقة على الانتقال من مستهلك للتكنولوجيا إلى منتج لها، ويقلل الفجوة الرقمية بين الدول العربية.
في هذه المناسبة، دعا أبو الغيط إلى بدء تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالأجندة الرقمية العربية التي تم اعتمادها في قمة الرياض، والتي تعد إطارًا لتنسيق الجهود وصياغة السياسات الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأكد أهمية تهيئة البنية التحتية والبيئة التشريعية والتنظيمية لضمان حماية البيانات والخصوصية، إضافة إلى تبني السياسات الداعمة للاستثمار ورواد الأعمال لتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانيات الدول العربية في الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا.
كما تطرق إلى الذكاء الاصطناعي، الذي يعد من أبرز الموضوعات التي تهيمن على المشهد العالمي اليوم. فقد أظهرت العديد من الدول العربية مواكبتها لهذا المجال المتسارع، حيث قامت بتحديث استراتيجياتها في الذكاء الاصطناعي. ومن بين هذه الدول، تبرز المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ضمن أفضل 20 دولة وفق مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي، بينما تواجدت دول عربية أخرى ضمن أفضل 100 دولة.
وختم الأمين العام لجامعة الدول العربية بالقول: " إن جامعة الدول العربية ليست ببعيدة عن هذا المجال الذي أعتبره في صلب الأمن القومي العربي بمعناه الشامل والمستقبلي أيضاً... فقد اعتمد مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات الاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي في دورته (28) الشهر الماضي بهدف توحيد الجهود العربية وتعزيزها في هذا المجال، ولمساعدة الدول العربية في تجنب المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي. كما أشار إلى أهمية تكوين كوادر عربية قادرة على التعامل مع هذه التكنولوجيا في جوانبها الإنسانية والقانونية والأمنية، خاصة مع تعقد القضايا المرتبطة بها.